وللحديث شجون - نبيلة الخطيب

طالَ الحديثُ وللحديثِ شُجونُ
ضَجّوا وقد عَمّ المكانَ سُكون

هو صامتٌ لكنْ لنبرةِ صَمته
في الخافقات تَصَدّعٌ وفتونُ

هو مُثخنٌ وتراه فوقَ جراحِه
جلْدَاً يُغالبُه أسىً وحنينُ

فعلى حروف القول دَوّتْ صرخةٌ
فاضتْ لها مُهَجٌ دماً، وعيونُ

وعلى حدودِ العقل فرّتْ فكرةٌ
شكٌ يطارحُ واقعاً ، ويقينُ

وعلى بياض الفجر نامتْ صَحوَةٌ
أيَنامُ في وَضَحِ الضحى مَغبونُ؟

المسجدُ الأقصى تُداسُ رحابُه
ويجوسُه الطاغون كيفَ يكونُ؟

أيهونُ أولى القِبلتين وجُندُه
في الهَجْع؟ لا حَوَت العيونَ جفونُ

أين الذين استقبَلَتْه وجوهُهم
والشوقُ في أعطافهم مكنونُ؟

أو َليسَ يهفو العاشقونَ لوَصْلِه؟
وله تُشَدّ من الرّكاب مُتونُ

يَتقيّلُ التاريخُ في أفيائهِ
ويُقيمُ ما مرّتْ عليهِ قرونُ

الله أكبرُ كم عَجبتُ لأمرهِ
وطنٌ يُقلدُهُ الحياةََ مَنونُ

فالشَعبُ فرّ إلى الخلودِ بموتِهِ
وعصى عيونَ الثاكلاتِ هَتونُ

يرنو اللِواءُ إلى السّماءِ بقبضةٍ
شُدّتْ وقلبُ عَقيدِها مَطعونُ

فلئن تعَمّقت الجذورُ بأرضِها
تخضَرّ أفياءٌ لها وغصونُ

كالأشهبِ الضَبّاح تلك حياتنا
كَرٌ وفرٌ مُقبِلٌ وحَرونُ

فهي الحياةُ مَسرّةٌ ومَضرّةٌ
وهي الجراحُ وديعةٌ ودُيونُ

لا بُدّ أن يُصغي الزمانُ لصَبْرنا
ولِبَأسِنا تعنو الدّنا وتلينُ

وتُقادُ أعناقُ الظلام لِحتفِها
ما أنّ في عَتم السّجون سَجينُ

حُرّيّةُ الأجيال رَهْنُ دِمائها
ويَصونُها التاريخُ حينَ تَصونُ

يَتفصّدُ التاريخُ من أعراقِنا
مَجداً، وتشدو للبَهاءِ سِنونُ

فلِمَنْ رَوى ظمَأ الترابِ وريدُهُ
ورَوَاهُ من فيضِ الفِداءِ مَعينُ

عَهْدٌ بأنّ له الجِنانَ مُخَلّداً
فيها، فلا تُخشى عليه شُجونُ

حَقّ الأباةِ على الإباءِ شُموخُهُ
واللهُ إنْ حَقّ الوفاءُ مُعينُ

نصْرٌ من الله المُعِزّ لِجُندِهِ
إنْ كانَ نصْرُ الله فهوَ مُبينُ.