عاشق الزنبق - نبيلة الخطيب

ماذا أتى بكَ؟ قال: الوجدُ والولهُ
فطرتُ زهواً وخلت الكون لي ولهُ

وكيف تُقبل ، والأيامُ غاديةٌ
عليّ تحمل طيفَ العمر أولَه؟

أبعْدَ هذا الفراق المرّ تذكرني؟
مَن أبرمَ الوعدَ في حينٍ وأجّله؟

يا خِلُّ طيفك لم يبرح ذرى أملي
وكلما مسَّ قلبي اليأسُ أمّلهُ

أين الخصورُ إذا ما الصبح زنّرها؟
ونُضرة الفل حين الطَّل بلّلهُ؟

حقلٌ من الغيد لونَ العيد منتشياً
لكلّ قدٍّ هوىً في البال ميّله

وكل خدٍّ بوهج الشوق ملتهبٌ
يزداد ذَوباً إذا المحبوب قبّله

الريح تلعب بالأذيال قاصدة
وكلما اشتد فعل الريح أخجله

إن أبطأ النّسمُ والأفنانُ ناعسةً
تراهُ هبّ رفيفاً كي يُعجّله

يُصابح الزنبقَ الغافي فيوقظه
يطوفُ بالذّكْرٍ حيثُ السّحْرُ أذهلهُ

يظَلُّ بالوردِ مفتوناً يظِلُّ بهِ
وإنْ سَقَتْه عيونُ الورد ظلّلهُ

فيرشفُ العمرَ من تلك اللُمى عبقاً
سبحان مَن صبّه خمراً وحلّله

ما كان يبرحُ في الأكمام موردهُ
إلا إذا العبق المكنون أثملهُ

دعوتُه نحتسي الإصباحَ مُؤتلقاً
وبالزنابق قد زيّنتُ منزلهُ

بادَأتُه الشّدوَ حتى شفه خَدَرٌ
فراح يرقص جذلاناً وأكملهُ

تلا عليّ حديث الروح ، ثم إذا
صمتُّ أبحرُ في معناهُ رتّله

آيٌ : وأيُّ جلالٍ في تأمّلهِ
قد أجملَ الكونَ في سطرٍ وفصّله

كقبضة القلب لولا الريش همَّ بهِ
نحوَ الفضاءِ وذاك الهمُّ أثقلَهُ

كفُسحة العين والإدهاشُ أوسعَها
وكرّ نجمٌ بذيل الليل كحّله

حين ارتدى خُضرةَ الأفنانِ دُكْنتَها
توشّحَ الظِلّ أعطافاً وأسدله

يفرّ كالآه إمّا الوجدُ أطْلقها
يرفّ كالقلبِ إمّا العِشْقُ سربله

يَرقي جراحي فلا ألقى لها أثَراً
كم علَّ قلبيَ في لمْحٍ وعلله

الوقتُ أرسلَ قُرصَ الشمس يوقظُنا
فأسدلَ الليلُ أستاراً وأغفَله

فعُدتُ أسألُ علّي لستُ حالمةً
ماذا أتى بك؟ قال: الوجدُ والولهُ.