سكن الليل - محمد خضر

في حديقة عامة
ذات أضواء وأطفال وريح
جلست السيدة الجميلة
تغني
كلما مر عابر
قذف وردة واختفى
بقيت هناك طوال الليل
لتلقي وردة للريح
واختفت
في أوراق الأشجار
مقهى جيلاتو
عندما كنت تطوين
ورقة " المنيو "
على شكل طائرة ورقية
الطائرة الــ رسمتِ مقاعدها بأحمر الشفاه
كنتُ وقتها -فقط - قد أيقنت أن السماء لعبة كبيرة
هي الجالسة في الموسيقى
كانت تدرك ..
أن الطائرة ورقية فقط
لذا مزقتها إلى جزءين
علمتني دون أن تدري !
أن " اليود "
عنصر كيميائي
يوجد على امتداد الساحل
لكنه قد يصل من شفتيها
عبر فوهة " المعسل "
إلى الرئة المقابلة تماماً
هناك رجل يحدق من بعيد
كان يدون ملاحظات سريعة
حول الزبائن المخلصين
الذين يتركون شيئا
من ذكرياتهم على الطاولة
- حتى لو كان اندلاق كوب القهوة عمداً -
الطاولة التي تبعثرت حقلا
من هزة كتفيها الراقصين
حينما بدأت الاسطوانة
تعزف لحنا لعبد الحليم حافظ
بإيقاعات جديدة وسريعة
مع ذلك لم أنكر الأغنية
لأن رقصة كتفها
كانت أصيلة !
هي سألت عن الحب
وبالكثير من الخشوع
مررت أسئلة جيدة
تشبه الطائرة الورقية تلك
في الخفة والإتقان
أسئلة عائمة
لكنها مستقرة في عينيها
مثل رجاء وحيد !
...
..
أنا الهائم
من الدقة في الجينز
قلت كثيرا عن الحب
عن ألوان الجدران الزاهية
في المقهى
تلك الألوان الـــ تبدو
متناقضة لأول وهلة
كبدايات الحب
....
....
قلت كثيرا
عن رجل سيغيب
طويلا في السرد
ويغني يوما
في مقهى "جيلاتو "
لكن لوحده
دون طائرة
دون رقصة الكتف
ودون عناصر كيميائية