نحن أكثر مما تتهموننا به - هيلدا إسماعيل

لستُ ساذجةً
أنا طفلةٌ نحَتَتْ التماثيلِ لعلاماتِ الاستفهام
هدَّدَتْ مهرجانات النظام ..
وتربعَتْ فوق حطام حجرتها
مارسَتْ الصراخَ أياماً طويلة
لأن أحداً .. لم يَشرح لها
أن قانون انتهاء الصلاحية
هو سبب توقُّف دميتها فجأة ..
عن الغنـاء
لستُ حزينةً
أنا آلةُ حزنٍ ..
تعملُ ليلَ نهار في معمل الإنسانية ..
تنسج أثواباً من خيوط الوجع
ترصِّع الياقات المُنشّاة ..
القفازات المخملية
تخيط أذيال الخيبة بورق الدانتيل
و تطرزُ البكـاء َ ..
على الأكمامِ والأفئدة
لستُ هشةً
أنا قطعةُ إسفنجٍ ..
أحكمت إغلاقها أقواس الكتابة ..
في محيط العواطف..
غرقت منذ عشراتِ الأحلام
لأنها كانت تنظر من خلال مسامها..
إلى ألوان الزهر و الكلمات ..
تتمنى أن تصبح فراشة ..
لا يمسها الموت ضوءاً
ولكن حين تبادلها الموجُ مع الشاطئ ..
تسلَّقت الرمال..
التقطها أحدُ المارَّةِ ..
اعتصرها بين أصابعه ..
فتساقطت قطراتها أنـوثة
لستُ كاذبةً
أنا بتلات زهرة ٍ حمراء
في حدائق ِالشعاراتِ و الدبلوماسية
تجمَّلتْ برائحة العطر ..
ولون الدماء
لتجْذبَ العاشقين بسحرها
ثم تقنعهم ببراءةِ الساق ..
والأوراق..
من غدْر الأشواك
لستُ متوحشةً
أنا قطة ٌبريّة ..
مقيدة ٌ بسلاسلِ السكون
تمارسُ مواءها المحموم ِ على سيدها
ترقص ُعلى أطرافِ مخالبها فوق جبينه
تتكاثر .. لترضي أمومتها
تبتلع صغيرها الهزيل ..
لتحارب الموت جوعاً
وليعيش جيلٌ آخر من دون قيـود
لستُ متمردةً
أنا فوهةُ بركان خامد
كلما شعَرَت بالضجر ..
أو بالوحدة .. والغليان
نثرت حممها على مدينة نائية
لتهدد أمن السكان
وتخبرهم ببساطة ..
بأنها على قيد الانفجار
لستُ عاشقةً
أنا منذ عصر الجبروت ..
يسكن بداخلي ماردٌ غاضب..
ماردٌ أزرق ..
أتعبه التكوُّم في عنق زجاجتي
ينتظر من يعثر عليـه ..
ويخرجه من الأعماق
ليتحول لإعصار عشق ..
يرتطم بالقـارات
يوزع أعضاء الكرة الأرضية ..
و يقتلع القلوب الاستوائية
ثم يصبح الخادم المطيع
الذي يحقق أمنيات سيَّدهِ ..
ويرميهــا تحت قدميه