أتلك حُدوجٌ أم نجوم سوائرُ - علي بن محمد التهامي

أتلك حُدوجٌ أم نجوم سوائرُ
وتلك غوان بينها أم جآذر

بدورٌ دهاهنَّ الفراق فجأة ً
وقد يفجأ الإنسان مالا يحاذر

تهيم ببدرٍ والتنقّل والنوى
على البدر محتوم فهل أنت صابر

لهُ من سنا الفجر المورّد غُرّة ٌ
ومن حلك الليل البهيم غدائر

ألم ترَ خيلي والنجوم كأنها
على غسق الليل النجوم الحوائرُ

فثرن إليه مثل ما ثار للهدى
ودولته داع إليه وناصر

ينال من الأعداء خوف أبي الندى
وهيبته ما لاتنالُ العشائر

إذا ما تبدى للملوك تناثرت
على بُسطه تيجانها والمغافر

تخرُّ لهُ الأملاك إن بصروابه
سجوداً ولو أن القنا متشاجر

وتلثمُ بعد الأرض منه أناملاً
إذا التطمت قيل البحار الزواخر

بنانٌ يها ألقى مراسيهُ الندى
مقيماً كما ألقى عصاه المسافر

هو الملك البحر الذي قيل في الورى
فإن لم أجاوره فمن ذا أجاور

فألقيت رحلي منه عند موفق
يجود بما يحوي وما هو ذاخر

بعيد المدى داني الندى واكف الجدا
لهُ كرمٌ ثاوٍ وذكرٌ مسافر

أصاب العلى في أول الأمر إنما
تصيب بأولاها الرماح الشواجر

هو الطاعن النجلاء لا يبلغ امرؤٌ
مداها ولو أن الرماح مسابر

تراه كأنّ الرمح سلكٌ بكفه
غداة الوغى والدارعون جواهر

يردّ أنابيب الرّماح سواعداً
ومن زرد الماذيِّ فيها أساور

لها بين أوداج الكماة مواردٌ
وبين صدور المارقين مصادرُ

تعمّد حبات القلوب كأنما
خواطرها عند القلوب خواطر

يلبيه من آل المفرّج إن دعا
أسودٌ لها بيض السيوف أظافر

رأيتهم عقداً ولكن أبو الندى
بمنزلة الوسطى وكلٌّ جواهر

حكوا شمس دين الله بأساً كما حكى
أسود الشّرى أشبالهن الخوادر

تراه لقرع البيض بالبيض مصغياً
كأنَّ صليل الباترات مزاهرُ

توسّط طياً نسبة ً ومكارماً
كما وسطت حسن الوجوه النواظر

وحفّت به الأرجاء من كلّ جانب
كما حفّ أرجاء العيون المحاجرُ

فما مات طائيٌّ وحسانُ خالدٌ
ولا غاب منهم غائب وهو حاضر

وكان لهم من جود كفّيه أولٌ
فصار لهم من جود كفّيك آخر

ولو راء ما يبنيه حاتم طيّها
لقال كذا تبنى العلى والمآثر

بسيفك نالت طيئٌ ما لو أنها
تمنته لم تبلغ إليه الضمائر

وعلّمهاقتل الملوك وأسرها
فتى منك في صيد الفوارس ماهر

فقد تشكرُ الأيام أنك زنتها
وما كلّ مفعول به الخير شاكر

وما زلت ذخراً للإمام وعدة ً
لكل إمام عدة ٌ وذخائر

فلما جرى ما كان أفقر قلبه
لأنك نفّاعٌ إذا شئت ضائر

تولِّي إماماً ثم تعزلُ مثله
فإن تدع مأموراً فإنك آمر

يشرّف أبناء الملوك إذا بدت
لها فيك يوماً ذمة ٌ وأواصرُ

ويقهر منهم من ينازع ملكه
وأولى الورى بالملك من هو قاهر

وينصرك السيف اليماني عليهمُ
لأن اليماني لليماني مضافرُ

لذلك يمشي في يديك كليلها
وتنبو بكفي من سواك البواتر

أحاط بك التوفيقُ من كلّ وجهة ً
وجاءتك من كلّ البلاد البشائر

ويلقي إليك الأمرَ كلُّ خليفة ٍ
فقدّم وأخر فعل من لا يشاور

إذا كرهت أعداؤك اسمك وانثنت
لهُ هرباً حنت إليك المنابر

وما أنا إلا روضة ٌ إن مطرتها
تحولّ هذا المدح أزهر زاهر

فإن جادني من جود نعماك رائحُ
فقد صادني من صوب يمناك باكر

وإني لأرجو أن أنال من الغنى
بشعريَ مالم يحوه قطُّ شاعر

إذا ما سترتُ المدح أثناء منطقي
فللجود مني حين يطويه ناشر

فعش عمر مدحي فيك إن مدائحي
مخلّدة ما دام في الأرض غابر

طلبت العلى بالجد والجد بينٌ
وحظك من كلّ الفريقين وافر

كأنك مغناطيس كلِّ فضيلة
فلا فضل إلا وهو نحوك سائر