للنّهرِ نَهْرِ فويقٍ - كشاجم

للنّهرِ نَهْرِ فويقٍ
عندي يَدٌ ليسَ تُجْحَدْ

عَشِيَّة َ اصطدْتُ فيهِ
رشاً من المُردِ أغْيَدْ

فَراحَ يَسعَى بكأسٍ
مُدَامُهَا لا يُصَرَّدْ

محفوفة ٍ بحبابٍ
مؤلّفٍ يتصَعَّدْ

كأَنَّهُ نَظْمُ دُرِّ
مِنْ ثَغْرِهِ يَتَوَلَّدْ

والأرضُ تُكْسَى بزهرِ الرّ
ياضِ وَشْياً مُعَمَّدْ

كأنَّ خُرَّدَ عِيناً
بها يُضاحِكنَ خُرَّدْ

وأبيضُ اللّونِ ضَاحٍ
وَحَالِكُ اللونِ أسودْ

وحمرة ٌ في شقيقٍ
وخضرة ٌ في زبرْجدْ

وأقحوانٌ كعقدٍ
مِنْ لؤلؤٍ قد تَبَدَّدْ

والنرجسُ الغضّ يرنو
إلى البَهارِ المنضَّدْ

كما أشارَ حبيبٌ
إلى حَبيبٍ بموعِدْ

والنهرُ بينَ اعتدالٍ
مِنْ سيرِهِ وتَأوُّدْ

كفعُوَانٍ تلوّى
ثمّ استَوَى وتمدَّدْ

كاَنَّ فيهِ سيوفاً
مهنّداتٍ تُجَرَّدْ

فتَارة ً هي تُنْضَى
وتارة ً هي تُغمَدْ

كأنَّ لينوفرَ النّهـ
ـر فيهِ سراجٌ توقّدْ

طوراً نُضِيء وطوراً
بشدّة ِ الريحِ تخمَدْ

كأَنَّ اَوراقَهُ الخضـ
ـرَ بين مثنَى وموحَدْ

أثارُ أخفافِ إبلٍ
في تربة ٍ من زَبَرجَدْ

إذا الصَّبا روَّحَتْه
أَراكَ شَعْراً مُجَعّدْ

وإنْ تأَنَّقَ للشّمْـ
ـسِ فيهِ ضوءٌ مورّدْ

حسبتَ أَنَّ لُجَيْناً
يُدَافُ فيهِ بعَسْجَدْ

ومطربُ اللّفظِ يُبدِي
صبابَة َ المتَجَلّدْ

كأَنَّ روحَ عُريضٍ
في جسمِهِ يتردَّدْ

كأَنَّما ابنُ سُرَيحٍ
فيهِ يُجَاوِبُ مَعْبَدْ

إذا اقترحتُ عليهِ
وذاتُ خَدٍّ مُوَرّدْ

أجابني ببَنانٍ
فضّيّية ِ المتجرّدْ

جعلتُ كفّيَ طوقاً
لهُ وحجريَ مَقْعَدْ

فَظِلْتُ أَلْهُو وشخصُ الرّ
قيبِ عنديَ مُبْعَدْ

حتى إذا اللّيلُ ألهى
عنِ النّهارِ وألبَدْ

وعانقَ اليثُ ظبيَ الكِـ
ـناسِ في خيسِ مِجْسَدْ

صَدَرتُ عن نَهَلاتِ الشَّـ
ـبَابِ من خيرِ موعِدْ

وخِلْتُ عَيشي من عِيشَـ
ـة ِ الخليفة ِ أرغَدْ

وما اللّذاذاتُ إلاّ
لِمَنْ صبا وتمرَّدْ