نساء - نبيلة الخطيب

تنفستُ فجري وأطلقتُ روحي
وصغتُ أنين مخاضي غناءْ

سموتُ وقد حاصرتني الجراحُ
وعانق وجهي عنانَ السماء

أيا بهجة الروح فيّ اشرئبي
فإنا يليقُ بنا الكبرياء

ألسنا اللواتي ولدنَ الملوكَ
وأحشاؤنا ضمّت الأنبياء

وأنى تسُودُ نفوسُ الرجال
إذا أرضِعوا من صدور الإماء؟

فمن قال إنا دنانُ النبيذ
ثغور الكؤوس سُقاة الظماء؟

وباقاتُ زهر لأعياد حب
وجمرات عِشق لبرد الشتاء؟

ألسنا اللواتي إذا ما احترقنا
توارى الرمادُ بجمر الإباء

ونحن اللواتي نموت لنحيا
وفي سَكرة الموت بعضُ انتشاء

فروحي النبيذ وقلبي الكؤوس
وعمري الكروم ونهجي العطاء

وإني أعز من الأرض شأناً
وأعلى ليَ الله فيها الثناء

أما جُعلت في حشايَ الحياةُ
وفي جوفها يستقرّ الفناء؟

وقد بتَّ فيها طعام الدواب
وقد كنتَ فيّ بديع البناء

وكنتُ أعاني لسكناك لكنْ
غدوت لتسكنها في عناء

تطرّز كفّاي ثوبَ الوجود
وأملأ بالحب كأس الهناء

وإني الحنونُ وإني المصون
وعمري يناهز عمر الوفاء

وحيناً أكون بعمق البحار
وحيناً أرقّ كطيف الهواء

كما النحلُ أصنعُ شهدَ القلوب
ولكنّ لي لسعة لو أشاء

* * *

هي الساق لا تستطيع المسير
ولا تملك الخطو دون اتكاء

فآدم قيثارة للوجود
وحواء معزوفة للبقاء

أيا سادن القلب أنت الحجيج
وأنت الشعائر حتى الدعاء

ويا معقل الوجد أنت الحميم
ويا ظمأ الروح يا الارتواء

ويا مصدر الخوف فيك الأمان
وأنت النعيم ومنك البلاء

لئن كنتَ زينة هذي الحياة
فأجملُ أهل الجنان النساء.

1997م