سبحانَ مَنْ يعلم لا يعلم - محيي الدين بن عربي

سبحانَ مَنْ يعلم لا يعلم
كما أنا أعلمُ لا أعلمُ

فلا تقلْ منْ بعدِ ذا إنهُ
بما أنا فيه به أعلم

لأنني لا علمَ لي بالذي
يعلمُهُ مني فلا أعلمُ

فإنْ يكن في العلم فضل بنا
صح الذي قال هو الأعلم

لذاك أبدى حرف حتى إذا
نعلمُ أمراً لمْ نكنْ نعلمُ

فهوَ على الوجهينِ علامة ٌ
الحادثُ المنصوصُ والأقدمُ

فيحدثُ النسبة َ من كوننا
لأجلِ ذا الواقعِ لا يعلم

كرحمة الصحو إذا أقبلتْ
وبعد ذا أعقبها الصيلم

فالشيءُ يمتازُ بآثارِهِ
والحكم في القابلِ لا يُعلم

حتى يرى في عينه ظاهراً
وعنده يحكُم من يحكم

بأنهُ الواقعُ في كونهِ
ولمْ يكنْ من قبلِ ذا يفهمُ

حقيقة ُ الإمكانِ قدْ رددتْ
من ينسب العلم له الأقوم

إذا بدا حاجبُ شمسِ الضحى
خرَّتْ له من حينها الأنجم

واندرجتْ أنوارها عندَهُ
إذ كان للشمسِ السنا الأعظم

فالعقل يدري أنَّ أنوارها
مشرقة ٌ والحسُّ لا يفهمْ

لا يدرك النُّور سوى نفسه
بنا كما يدركه المظلم

لكنهُ بالنورِ إدراكنا
معنى ً وحساً هكذا فافهموا