وجودي عنِ الأمرِ الإلهيِّ لمْ يكنْ - محيي الدين بن عربي
وجودي عنِ الأمرِ الإلهيِّ لمْ يكنْ
عنِ الذاتِ والتكوينِ لي فأعقلِ الشانا
وهذا الذي قدْ قلتهُ لمْ يقلْ بهِ
سوانا فحققْ منْ يكونُ إذا كانا
توحدتُ سرّاً وهو أمر يخصُّني
وإني كثيرٌ بالتأملِ إعلانا
فمنْ يرني مني يرى العينَ واحداً
ومنْ يرني منهُ يرى العينَ أعيانا
وذلكَ من صدعٍ يكونَ بعينهِ
يقيم به وزني فيخسر ميزانا
وإنْ لنا في كلِّ حالٍ ومشهدٍ
دليلاً على علمي بنفسي وبرهانا
وعلمي بنفسي عين علمي بربِّها
يحققهُ كشفاً جلياً وإيمانا
ألستَ تراني في مجالسِ علمنا
أفتقُ أسماعاً أبصرُ عميانا
وأهدي إلى النهجِ القويمِ بوحيه
قليبَ عبيدٍ لمْ يزلْ فيهِ حيرانا
إذا نحنُ نادينا نفوساً بهِ أتتْ
من الملإ العلويِّ رجلاً وفرسانا
يلبي منادي الحقِّ منْ كلِّ جانبٍ
فيكتبن أنصاراً ويثبتن أعوانا
لقدْ عللَ الصديقُ إخفاءَ صوتهِ
بما كان يتلوه من الليلِ قرآنا
وعلله الفاروقُ إذ كان معلنا
ليطردَ شيطاناً ويوقظَ وَسْنانا
وكلُّ رأي خيراً ولم يك خارجاً
عنِ الحكمِ بالميزانِ نقصاً ورجحانا
فجاء إمامُ الخيرِ بالحكمِ فيهما
وقد صاغه الرحمنُ رُوحاً ورَيحانا
فقالَ لهُ ارفعْ ثمَّ للآخرِ اتضعْ
يظهر حكمُ العدلِ عَيناً وسُلطانا
فكم بين من فيه ومنه ومن أتى
بهذا وذا إذ كان بالكلِّ رَحمانا
ألم ترني أدعى على كل حالة
أكونُ عليها بالتقلبِ إنسانا
وسواهُ شخصاً قابلاً كلَّ صورة ٍ
فعدَّلَ أجزاءَ ورتبَ أركانا
وأظهره جسماً سوياً معدَّلاً
بتربيعِ أخلاطٍ وسماهُ جثمانا
وأودعَ فيهِ النفخَ روحاً مقدساً
ليعصم أرواحاً ويقصمَ شيطانا