إن سيرتْ صمّ الجبالِ سراباً - محيي الدين بن عربي

إن سيرتْ صمّ الجبالِ سراباً
وتفتحت أفلاكها أبوابا

يبدو لنا من لم تزل سبحاته
تفني الحجابَ وتحرقُ الحجابا

فعرفتهُ بالنفي لمْ أعرفهُ بالإ
ثْباتِ ما إنْ لمْ أكنْ مرتابا

فأذاقني من حيرة قامتْ بنا
لشهودِه في الأكثرين عَذابا

فلبثت في نار الطبيعة عنده
من أجل هذا مدّة ً أحقابا

لما خصصتُ الأكثرينَ ولمْ أقلْ
عم الوجودَ مظاهر أكبابا

إني طعمت من الشهودِ مطاعما
وشربتُ ماءَ المعصراتِ شرابا

وشهدته في غيرِ صورة ِ عقدنا
في غيبِه أو لا أزالُ تُرابا

فوددتُ أني لمْ أزلْ في غيبة ٍ
في غيبة ٍ أو لا أزالُ ترابا

فدعا بديوانِ الوجودِ ورأسهِ
عند التقى وأرادَ منه حسابا

فأجابه لما دعاه ملبِّياً
سَمعاً وطوعاً ثم قال صَوابا

أوحى إليه أنْ اتخذْ دارَ الشقا
للمسرفينَ المجرمين مآبا

جلَّ الإلهُ الحقُّ في إجلالهِ
قدساً وتعظيماً وعزَّ جَنابا

فإذا أتته من المهيمنِ تحفة ٌ
قطع الثيابَ وقطعَ الأسبابا