نشدتكَ يا بانة َ الأجرعِ - مهيار الديلمي

نشدتكَ يا بانة َ الأجرعِ
متى رفع الحيُّ منْ لعلع

وهلْ مرَّ قلبي في التَّابعي
نِ أمْ خارَ ضعفاً فلمْ يتبعِ

لقلدْ كانَ يطعمني في المقامِ
ونيَّتهُ نيَّة ُ المزمعِ

وسرنا جميعاً وراءَ الحمولِ
ولكنْ رجعتُ ولمْ يرجعِ

فأنَّتهُ لكِ بينَ القلوبِ
إذا اشتبهتْ أنَّهُ الموجعِ

وشكوى تدلُّ على سقمهِ
فإنْ انتِ لمْ تبصري فاسمعي

وأبرحُ منْ فقدهِ أنَّني
أظنُّ الأراكة َ عنِّي تعي

يلومُ على وطني وافرُ ال
جوانحِ ملتئمُ الأضلعِ

يبارحُ طيرَ النَّوى لا يفالْ
بأبترَ منها ولا أبقعِ

وقالَ الغرامُ مدى ً لا يرامْ
فخذْ منهُ شيئاً وشيئاً دعِ

تصبَّرْ على البينِ واجزعْ لهُ
لو كنتُ أصبرُ لمْ أجزعِ

وفي الرَّكبِ سمراءُ منْ عامرٍ
بغيرِ القنا السُّمرِ لمْ تمنعِ

أغيلمة ُ الحيِّ منْ دونها
تجرُ الذَّوابلَ أو تدَّعي

تطولُ عرانيهمْ غيرة ً
إذا مااستعيرَ اسمها وادُّعي

رجالٌ تقومُ وراءَ النِّساءِ
فيحمي اللِّثامُ عنْ البرقعِ

أدرْ يا نديمي كأسَ المدامِ
فكأسي بعدهمُ مدمعي

فإنْ كانَ حدُّكَ فيها الثَّلاثَُ
فإنِّي أشربُ بالأربعِ

وزورٍ ولسنا بمستيقظين
ببطنِ العقيقِ ولا هجَّعِ

ترفَّعنا جاذباتُ السُّرى
وتخفضنا فترة ُ الوقُّعِ

سرى يتبعَ النَّعفَ حتى أطابَ
حثيثَ التُّرابِ على ينبعِ

فبلَّ الغليلَ ولمْ يروهِ
وأعطى القليلَ ولمْ يمنعِ

يدٌ نصعتْ لسوادِ الظَّلامِ
ومنْ لكَ بالأسودِ الأنصعِ

تبرَّعَ منْ حيثُ لمْ أحتسبْ
بها وسقى حيثُ لمْ أشرعِ

رأى قلقي تحتَ أوراقهِ
فدلَّ الخيالَ على مضجعي

نذيريَ منْ زمنٍ بالعتا
بِ عنْ خلقهِ غيرُ مسترجعِ

ومنْ حاكمٍ جائرٍ طينهُ
على طابعِ الحقِّ لمْ يطبعِ

يميلُ على الحمرِ المقرباتِ
ة يغضبُ للأسمرِ الأجدعِ

يكاثرني واحداً بالخطوبِ
ويحملُ منِّي على أضلعِ

ويأكلني بتصاريفهِ
فها انا أفنى ولمْ يشبعِ

وكمْ قامَ بيني وبينَ الحظوظِ
وقدْ بلغتني فقالَ ارجعي

ولاحظني في طريقِ العلا
أمرُّ على الجددِ المهيعِ

فقالَ لشيطانهِ قمْ إلي
هِ فاحبسْ بهِ الرَّكبَ أو جعجعِ

فلا هو في عطني ممسكي
ولا تاركي سارحاً أرتعي

أبغدادُ حلتِ فما أنتِ لي
بدارِ مصيفٍ ولا مربعِ

صفرتِ فما فيكِ منْ درَّة ٍ
يقومُ بها رمقُ المرضعِ

ودفَّعتْ البصرة ُ المجدَ عن
كِ حتى ضعفتِ فلمْ تدفعي

فمالَ إليها فشلَّ الصَّلي
فَ عنكِ وملتفتَ الأخدعِ

فخلِّي لنا نحوها طرفنا
وطيري لنا حسداً أو قعي

إلى كمْ يزخرفُ لي جانباكِ
خداعاً ولو شئتُ لمْ اخدعِ

وكمْ استرقَّ على شاطئيكِ
بمغربِ شمسكِ والمطلع

وتهتفُ دجلة ُ بي والفراتُ
حذارِ منَ الآجنِ المنقعِ

وتربة ُ ارضكِ لا تسمحنَّ
بجمرائها للثَّرى الأسفعِ

ويرتاحُ وجهي لبردِ النَّسيمِ
ونارُ الخصاصة ِ في أضلعي

وما انتِ إلاَّ وميضُ السَّرابِ
على صفحة ِ البلدِ البلقعِ

ومالي أقمحُ ملحَ المياهِ
إذا كنتُ أشربُ منْ أدمعي

وهلْ قاتلي بلدٌ أنْ أٌقيمْ
إذا خطَّ في غيرهِ مصرعي

حفظتكِ حتى لقدْ ضعتُ فيكِ
فخفَّضَ حبُّكِ في موضعي

ولو كنتُ انصفتُ نفسي وقدْ
قنعتُ بأهلكِ لمْ أقنعِ

غداً موعدِ البينِ ما بيننا
فما أنتِ صانعة ٌ فاصنعي

عسى اللهُ يجعلها فرقة ً
تعودُ بأكرمِ مستجمعِ

وتأوي لهدي الأماني العطاشِ
قتأوي إلى ذلكَ المشرعِ

ويسعدها الحظُّ منْ ظلِّ ذي السَّ
عاداتِ بالجانبِ الممرعِ

فيرعى الوزيرُ لها ابنُ الوزي
رِ ما ضاعَ عندكَ لما رُعي

سيعصفُ حادي القوافي لها
هبوباً إلى الملكِ الأروعِ

فتنصرُ بالمحتمي المتَّقي
وتجبرُ بالرَّازقِ الموسعِ

فتى ً عشقَ المجدَ لمَّا سلا
وعاشَ بهِ الفضلُ لمانعي

وجمَّعَ منْ فرقِ المكرماتِ
بدائدَ لولاهُ لمْ تجمعِ

غلامٌ انافَ بآرائهِ
على كلِّ كهلٍ ومستجمعِ

ومدَّ بباعِ ابنِ ستينَ وهو
بباعِ ابنِ عشرينَ لمْ يذرعِ

ودلَّ بمعجزِ آياتهِ
على قدرة ِ الخالقِ المبدعِ

نوافرُ قرَّتْ لهُ لمْ تجزْ
بظنٍّ ولمْ تمشِ في مطمعِ

رأى اللهُ تكليفهُ شرعها
فقالَ لهُ بهما فاصدعِ

سقى كلَّ ضدَّينِ ماءَ الوفاقِ
بكأسِ سياستهِ المترعِ

فخيسُ الأسودِ كنائسُ الظِّبا
ءِ والماءَ والنَّارُ في موضعِ

وجمَّاءَ منْ سرحِ أمِ اليتي
مِ تنهلُ والذِّئبُ منْ مكرعِ

وسدَّ بهيبتهِ في الصُّدورِ
مسدَ الظُّبا والقنا الشُّرَّعِ

فلو لطمَ اللَّيثَ لمْ يفترسِْ
ولو وطئَ الصِّلَّ لمْ يلسعِ

سلْ البصرة َ اليومَ منْ ذا دعا
لها وبأيِّ دعاءٍ دعي

وكيفَ غدا جنَّة ً صيفها
وكانتْ جحيماً على المرتعِ

ومنْ ردَّها وهي أمُّ البلا
دِ أنساً على وحشة ِ الأربعِ

محرِّمة ً أنْ يحومَ الزَّمانُ
عليها بأحداثهِ الوقَّعِ

وكانتْ روائعُ أخبارها
متى يروها ناقلٌ يفزعِ

طلولاً تناعبُ غربانها
إذا الدِّيكُ أصبحَ لمْ يصقعِ

يرى المرءُ منْ دمهِ في قميصِ
أخيهِ ضبائغَ لمْ تنصعِ

فكمْ رحمٍ ثمَّ مقطوعة ٍ
ولو ربَّها الحزمُ لمْ تقطعِ

ومنْ طامعٍ في المولَّى عليهِ
ولو سيسَ بالعدلِ لمْ يطمعِ

رأى اللهُ ضيعتها في البلادِ
فأودعها خيرَ مستودعِ

وردَّ لها الشَّمسَ بعدَ الغروبِ
بغيرِ عليٍّ ولا يوشعِ

فبلِّغْ ربيعة َ إنْ جئتها
وسعداً وأسمعْ بني مسمعِ

ضعي أهبَ الحربِ واستسلمي
لمالكِ امركِ واستضرعي

ويكفيكِ منتتقعاً في الحدي
دِ انْ تأبري النَّخلَ أو تزرعي

فقدْ منعَ السَّرحَ ذو لبدتينِ
متى ما يهجهجْ بهِ يوقعِ

وسدَّتْ عليكَ مجازَ الطَّري
قِ مسحبة ُ الأرقمِ الأدلعِ

وضمَّ عراقكَ منْ فارسٍ
شريفُ المغارسِ والمفرعِ

بطيءٌ على السَّوءِ ما لم يهجْ
فإنْ يرى مطعمة ً يسرعِ

منَ القومِ تعصفُ أقلامهمْ
لواعبَ بالأسلِ الزعزعِ

وتقضي على خرزاتِ الملوكِ
عمائمهمْ وهي لمْ توضعِ

ويقعصُ بالبطلِ المستميتِ
لسانُ خطيبهمْ المصقعِ

إذا ادَّرعوا الرَّقمَ والعبقريَّ
سطوا بالدَّرائكَ والأدرعِ

لهمْ في الوزارة ِ ما للبرو
جِ في الأفقِ منْ مطلعٍ مطلعِ

مواريثُ مذ لبسوا فخرها
على أوَّلِ الدَّهرِ لمْ ينزعِ

همْ ومنابتُ هذي الملوكِ
منَ النَّبعِ والنَّاسُ منْ خروعِ

تصلصلَ منْ طينها طينهمْ
كما الماءُ والماءُ منْ منبعِ

قرنتمْ بهمْ في شبابِ الزَّمانِ
قرينة َ عادٍ إلى تبَّعِ

فمنْ قالَ آلُ بويهٍ الملوكُ
همْ آلُ عبَّاسَ لمْ يدفعِ

تنوطُ وزارتكمْ ملكهمْ
مناطَ المعاصمِ بالأذرعِ

فيا ابنَ الوزيرينِ جدِّاً أبا
وأثلثْ غذا شئتَ أو أربعِ

إلى حيثُ لا يجدُ النَّاسبون
وراءَ المجرَّة ِ منْ مرفعِ

بحقِ مكانكَ منْ صدرها
وكلُّهمْ غاصبٌ مدَعي

وإنِّي لأعجبُ منْ عاجزٍ
متى تتصدَّ لها يطمعِ

ومنْ مستطيلٍ لها عرقهُ
إلى غيرِ بيتكَ لمْ ينزعِ

يمدُّ لها يدهُ أجذماً
وأينَ السُّوارُ منَ الأقطعِ

أيا حاميَ الذَّودِ ما للعرا
قِ أٌهملَ بعضٌ وبعضٌ رعي

فمنْ جانبٍ بلدٌ جرحهُ
بعدلكَ ألحمَ لمَّا رعي

ومنْ جانبٍ بلدٌ لا يرى
لخرقِ الصَّبا فيهِ منْ مرتعِ

وما مثلُ شمسكَ مما تخصُّ
فعمَّ البلادَ بها واجمعِ

وبغدادُ دارُ حقوقٍ عليكَ
متى ترعَ أيسرها تقنعِ

فسلطانُ عزَّكَ لمْ يقهرْ ال
عدا في سراها ولمْ يقمعِ

وجعفرُ ما جعفرُ المكرما
تِ لمْ يسلُ عنها ولمْ ينزعِ

وكمْ جذعٍِ منكَ اقرحتهُ
ومثغرٍ بعدُ لمْ يجذعِ

وأنتَ وإنْ كنتَ جنَّبتها
فلمْ ترعَ فيها ولمْ ترتعِ

فعندكَ منها الذي لا يرى
محاسنُ تبصرُ بالمسمعِ

فجرِّدْ لها عومة ً كالحسامِ
متى ما يجدْ مفصلاً يقطعِ

فإنَّ الطَّريقَ إليها عليمتى رمتها فهي من راحتيك بين الرواجب والأشجعِ
كَ غير مشيك ولا مسبع سقط بيت ص

بنا ظمأٌ إنْ جفانا حياكَ
وواصلنا الغيثُ لمْ ينقعِ

فغوثاً فما زلتَ غوثَ اللَّهيفِ
متى يدعِ مستصرخاً تسمعِ

ولو لمْ يكنْ غيرَ أنِّي أراكَ
فيفزعْ فضلي إلى مفزعِ

فإنْ يجمعُ اللهُ هذا الثَّناءَ
وتلكَ المكارمَ في مجمعِ

وإنْ لمْ اسرْ فانتشلني إليكَ
وقدني بحبلِ الثَّنا أتبعِ

ورشْ بالنَّوالِ جناحي أطرْ
وبالأذنِ في مهلي أسرعِ

فما تطرحُ الأرضُ وفداً إلي
كَ أحسنَ عندكَ منْ موقعي

ولو ساعدَ الشَّوقَ طولٌ إليكَ
طلعتُ بهِ خيرَ مستطلعِ

فغيبة ُ مثلي عنْ موضعٍ
وإنْ عزَّ عمرٌ على الموضعِ

وإنِّي لقعدة ُ مستفرهٍ
بصيرٍ ومتعة ُ مستمتعِ

شهابٌ على أندياتِ الملوكِ
متى يقتبسْ بالنَّدى يلمعِ

وإنْ لمْ يبنْ شبحٌ ذابلٌ
على طودِ ملككمْ الأتلعِ

فإنَّ القلامة َ في ضعفها
تعانُ بها بطشة ُ الأصبعِ

لكمْ في يدي وفمي صارمانِ
بصيرانِ في القولِ بالمقطعِ

ومنْ دونِ ذلكَ رأيٌ يسدُّ
ناحية َ الحادثِ المفظعِ

ومفضي الامانة ِ منِّي إلى
صفاة ٍ منَ الحفظِ لمْ تقرعِ

فإمَّا علمتُ وإلا الخبيرُ
فسلهُ فمثلي لا يدَّعي

بقيتُ لمعوزِ هذا الكلامِ
متى أدعُ عاصيهُ يبخعِ

وحيداً أحيَّا بها إنْ حضرتُ
مدحتُ وإنْ غبتُ لمْ أقذعِ

وهلْ نافعي ذاكَ بلْ ليتَ لا
يضرُّ إذا هو لمْ ينفعِ

سمعتُ الكثيرَ وما إنْ سمعتُ
بأكسدَ منِّي ولا أضيعِ

لعلَّكَ تأوي لها قصة ً
إلى غيرِ بابكَ لمْ ترفعِ

ومنْ كنتَ حاكمَ أيَّامهِ
متى يطلبُ النَّصفَ لا يمنعِ

متى تصطنعني تجدْ ما اقترحتُ
مكانَ اغتراسكَ والمصنعِ

وعذراءُ سقتُ لكمْ بضعها
ولولا رجاؤكَ لمْ تبضعِ

منَ المالكاتِ قلوب الملو
كِ لمْ تتذلَّلْ ولمْ تخشعِ

تصلى القوافي إلى وجهها
فمنْ ساجداتٍ ومنْ ركَّعِ

أقمتُ وقدَّمتها رائداً
فشفِّعْ وسيلتها شفِّعِ

عصتني الحظوظُ فيا بدرُ كنْ
دليلاً على حظِّي الطَّيِّعِ

فلا غروَ أنْ أقهر الحادثاتِ
ورأيكَ لي ولساني معي