رجع الصدى - نبيلة الخطيب

مادت بيَ الذكرى وأيقظني الصدى
حزَّت عروقَ النبضِ مُلهبَةُ المُدى

كم كنتُ أسدلتُ الضلوعَ تكتُّماً
فشرعتَ آفاقَ الجراح على المَدى

أمسكتُ أيّامي لشدّ عزيمتي
فنشرتَ عمري في فضاكَ تردُّدا

ولكَم جثا نصَبُ السنين وهمُّها
أوَ لم يئنْ للصدر أن يتنهّدا؟

أو لم يحنْ للجرح بعد نضوبه
أن يستكينَ لهدأةٍ ويضمَّدا؟

حُلمٌ كقصرٍ في الرمال قصدتُه
في هَبّةٍ للذاريات فما بدا

أهفو لبسمة بَرقه فيكفّها
رعدٌ يقهقه في الفضاء توعُّدا

نبعٌ ترقرقَ سلسبيلاً دافقاً
أوردتُه ظمَئي فكيف تبدّدا؟

قد بات يُشركُ بعدما ألفيتُه
في الخاليات الصافيات موحِّدا

أمسى كماضٍ كلما استنظرتُه
وقضيتُ عمريَ في الترقّب أبعدا

قد عضّني وجعي.. دعوتُ تجلُّدي
فإذا بفيه الصبر يغدو أدردا

يا عهدُ ماذا لو خلعتُ خواتمي؟
وقطعتُ عِقداً كان عندي الأمجدا

يا شِعرُ ماذا لو حرقتُ قصائدي؟
وهجرتُ أحبابي ومِتُّ مُجَدّدا

وكسرتُ قلباً عندما استنبضتُه
فإذا به لم يُمسِ فيَّ كما غدا

أطلقتُه لمّا سئمتُ أنينَه
لأريحَهُ فإليَّ عاد مُقيَّدا

يا ويح هذا القلب يطربه الضنا
ولطول عهد البَرْح فيه تعوَّدا

أرقيه من ألم الجراح ونارها
فأراه من ذاك اللهيب تزوَّدا