لنا من ليلنا بلوى الصريم - مهيار الديلمي

لنا من ليلنا بلوى الصريم
قراعُ الهمّ أو عدُّ النجومِ

حبسنا العيشُ منه على بخيلٍ
نؤمِّلُ عنده جدوى الكريمِ

فلم نقفِ السؤالَ على مجيبٍ
ولم نشكُ الغرامَ إلى رحيمِ

سوى ذكرى نزتْ بجوى ً دفينٍ
كما كرَّ العدادُ على السليمِ

عطارٌ في الثرى وطروسُ وحيٍ
تحادثنا عن العهد القديمِ

سقاكَ وإن صممتَ فلم تفدنا
سوى سفه المنازل بالحلومِ

رقيقُ القطرِ حنَّانُ العشايا
نتاجَ المنجباتِ من الغيومِ

تعودُ مع الصَّباح له بدانا
جسومُ الناحلاتِ من الرسومِ

عصيتْ لوائحي وأطعتُ وجدي
برملة َ والخيارُ إلى الملومِ

فما العدوى على ولهي ودمعي
وقد حكَّمت في قلبي خصومي

وأرسلتُ اللحاظَ على يقينٍ
بما تجنى العيونُ على الجسومِ

فإن تك صاحبا وعزمتَ رشدا
غداً وحملتَ شطرا من همومي

فمل ميلَ الغميم وحيِّ عنّى
مواسمَ للبطالة ِ بالغميمِ

وقل لملاعبِ العلمينسيري
مع الحيِّ المقوّض أو أقيمي

إذا عريَاللِّوى من شجو قلبي
ومن طرفٍ أصيبَ به سقيمِ

فلا ناحت بحاجرَ بنتُ غصن
ولا نظرتْ برامة أمُّ ريمِ

سقى الله العراقَ بما سقاني
حلوبة َ لا السحابِ ولا الكرومِ

وأنصفَ بين أيّامي وبيني
إذا المظلوم دينَ من الظَّلومِ

أعاتبها وعنّى صمَّ سمعٌ
لتنزعَ وهي توغلُ في صميمي

فيوما في شبابي أو حميمي
ويوما في صديقي أو نديمي

طوارقُ للبعاد فرت أديمي
بحدّ شفارها فريَ الأديمِ

أعالجها بصبري وهو داءٌ
كما تقعُ الكلومُ على الكلومِ

تكنَّفني الزمان يطيلُ ضغطي
فما أنفكُّ من جنبٍ أليمِ

ويُضعفُ منَّتي ويميتُ فضلي
تطلّبي الثراءَ من العديمِ

وكان يضئُ لي أملي فأسري
فقد أضللتُ في الأملِ البهيمِ

كأنّي لم أنطْ بالمجد همّي
ولم أركبْ إلى العلياء عزيمي

ولم أهتك دجُنّة َ كلِّ خطبٍ
بفجرٍ من بني عبد الرحيمِ

يضيءُ ليَ المنى ويدُلُّ عيني
على نهج العلاءِ المستقيمِ

فقام البعدُ بينهمُ وبيني
بروعة ِ مقعد منهم مقيمِ

وولَّوها الأعنّة َ مطلقاتٍ
وبقَّوني أعضُّ على الشكيمِ

فهل بُلِّغتمُ أخبارَ قلبي
على التصحيح في النقلِ السليمِ

وهل يدرون ما سهري ووجدي
إذا سكنوا إلى الليل المنيمِ

وطوفي بالبلايا والرذايا ال
معرَّة بعد بزلهم القرومِ

بلى عند الوزير بذاك علمٌ
وأنباءٌ تشقُّ على الكريمِ

سيجمعها وإن طفتُ انتشارا
عظيمٌ لا يروَّعُ بالعظيمِ

وفيُّ العهدِ في قربٍ وبعدٍ
غنيُّ النفس من كرمٍ وخيمِ

من البيت الذي بذؤا بتيه
سما والمنبت الزاكي الأرومِ

وقوم تذهبُ الأحساب عرضا
ومنصبهم على السَّننِ القديمِ

يسود الناسُ شيبا أو كهولا
وفيهم سؤدد الطفلِ الفطيمِ

دعوا بزل الرجال وهمْ جذاعٌ
وتمُّوا في المراسلِ والتميمِ

وساسوا الدهرَ والسلطانَ عسفا
وليناً بالحميَّة ِ والحلومِ

فما أشروا مع القدرِ الموالي
ولا بطروا على الملك العقيمِ

مضوا سلفَ العلا وأذى الأعادي
وأندية َ النّدى وشجا الخصومِ

وأطلعتِ السعودُ لهم هلالا
جديدَ النور بانَ من النجومِ

وفى لهمُ أبوسعدٍبسعيٍ
مزيدِ الحضرِ طمَّ على الرسيمِ

وصاغ بذكره تيجانَ فخرٍ
على جبهاتهم بدلَ الوسومِ

يموتُ الدهرُ من هرمٍ وتفنى
بنوهُ وهي باقية ُ الرسومِ

عدوّك بعدَ بُعدك مثلُ ملكٍ
سحيلِ الحبل منقوض الجريمِ

تهافتَ شمله وهوى سقيطا
تداعي الملكِ في العقدِ النظيمِ

عصى بك والدا حدبا فآل ال
عقوقُ به إلى ذلِّ اليتيمِ

تعاورهُ الولاة ُ فشذَّبوه
بعسف الغمز أو عسف الغشومِ

فدولته الشَّعاعُ بلا عميدٍ
وأمته الضياعُ بلا زعيمِ

أحلَّ حرامها فقد استبيحت
وكانت من جوارك في حريمِ

توالغُ في جوانبها ذئابٌ
منعتَ أنوفها قصَّ الشميمِ

فها هي لا تظنّ بها شفاءً
إذا الإبلالُ قدِّرَ في السقيمِ

بلى أرجو لها بك أو لأخرى
علاجَ الداءِ أو سدَّ الثُّلومِ

إذا اضطّروا وأجدب وادياهم
إلى استمطار وابلك العميمِ

ديونٌ لي على الأيّام فيكم
وغائبة ٌ تبشِّر بالقدومِ

أطالبها وأعلمُ أن ستقضى
وإن طالت مماطلة ُ الغريمِ

بغاك لها وقد قرنت وأنَّتْ
وجرَّ نهوضها طولُ الجثومِ

فإنَّ الأمر يبطئُ ثم يأتي
أحبَّ من التسرُّع والهجومِ

وبعدُ على النوى وعلى التداني
فقد أشقيتني بعد النعيمِ

قود خلَّفتني من كفِّ دهري
بطول الصدِّ في أسرٍ لئيمِ

أروضُ الحمدَ في أيدٍ جعادٍ
وأرعى جانبَ العيش الذميمِ

تصوَّحَ مرتعي وذوتْ عروقي
بهجرِ سحابك الصخبِ الهزيمِ

ولم تك قطّ في سعة ٍ وضيقٍ
لتغفلني وتشغلَ عن رسومي

فما بالي جفيتُ أما حديثي
يذكّرك الحقوقَ أما قديمي

ألستَ بصحبتي ووفاي أهلا
بمنزلة المساهمِ والقسمِ

نظقتُ ولو أطقتُ لطال صمتي
على ما اعتدتُ من خلقي وخيمي

ولكنّي أطقتُ جنونَ دهرٍ
ينقّل شيمة َ الرجلِ الحليمِ

بقيتُ لمدحكم فابقوا لرفدي
على رعى المصوِّح والهشيمِ

فإني ما وجدتكمُ قليلٌ
من العدم ارتياعي أو وجومي

لكم في كلّ غاسقة ٍ وفجر
حبائر من فمي رقشُ الوشومِ

تكون عليكمُ دُرّاً نثيرا
وحصنا من عدوّكم الرجيمِ

بنيتُ لكم بها مجدا مضافا
إلى مجدِ الخؤلة العمومِ

يزوركمُ بها النّيروز يسري
بطول اللّبثِ فيها واللزومِ

بواقي فيكمُ متداولاتٍ
بقاءَ الفخرِ في سلفى تميمِ