كمِ النّوى قدْ جزعَ الصَّابرُ - مهيار الديلمي

كمِ النّوى قدْ جزعَ الصَّابرُ
وقنطَ المهجورُ يا هاجرُ

أأحمدَ البادونَ في عيشهمُ
ما ذمَّ منْ بعدهمُ الحاضرُ

أمْ كانَ يومُ البينِ حاشاكمُ
أوَّلُ شيءٍ ما لهُ آخرُ

ما لقلوبٍ جبلتْ لدنة ً
يعطفها العاجمُ والكاسرُ

قستْ على البعدِ وقدْ ظنَّ بال
وفيِّ منها أنَّهُ الغادرُ

قدْ آنَ للنّاسينَ أنْ يرعووا
شيئاً فما عذركَ يا ذاكرُ

أما يهزُّ الشَّوقُ عطفاً ولا
يجذبُ هذا الوطنُ السَّاحرُ

كمْ يمطلُ الملسوعُ في الوعدِ بالرَّ
اقي وكمْ ينتظرُ النَّاظرُ

قدْ صدعَ العظمُ وأخلقْ متى
شظيَّ أنْ لا ينفعُ الجابرُ

لا تتركوا المحصوصَ في أسركمْ
يخلفُ ريشاً إنَّهُ طائرُ

اللهُ يا فاتلَ أمراسها
أنْ يتولّى أمرها النَّاسرُ

اقبلْ منَ الباذلِ واقنعْ بما
يعطيكَ منْ باطنهِ الظَّاهرُ

ولا تكشِّفْ عنْ خفيَّاتِ ما
يخفيهِ عنكَ الهائبُ السَّائرُ

وشاورِ الإقبالَ منْ قبلِ ما
تشاورُ الرأي وتستامرُ

وانهضْ بجدٍّ فلكمْ ناهض
بالحزمِ والحزمُ بهِ عاثرُ

سعدكَ في أمثالها ضامنٌ
أنَّكَ فيها الفائزُ الظَّافرُ

قدْ أهملَ النَّوامُ في سرحها
ما كانَ يرعى طرفكَ السَّاهرُ

وحملتْ بعدكَ جهلاتها
وفرَّ منها القامصُ النَّافرُ

وأدَّبتها لكَ غلطاتها
كمْ قاصدٍ بصَّرهُ جائرُ

فمنْ لها مجدبة ً أرضها
إنْ لمْ يعنها العارضُ الماطرُ

أنتَ لها أو رجلٌ منكمُ
والنّاسُ أكَّالٌ ومستاثرُ

لا تسلموها فهي خطيَّة ٌ
يدعى لها بسطّامَ أو عامرُ

إمّا هلالٌ منكمُ واضحٌ
يسري لها أو كوكبٌ زاهرُ

يا راكبَ الدّهماءِ تمطوبهِ
في زافرٍ تيَّارهُ زاخرُ

ملساءُ تجري منهُ في أملسٍ
يروي صداها نقعهُ الثائرُ

تطوي السُّرى لمْ يتشذّبْ لها
خفٌّ ولمْ يحفْ لها حافرُ

سابقة ٌ لا السُّوطُ هبهابهُ
فيهِ ولا الصَّوتُ لها زاجرُ

إذا سوافي الرّشيحِ شقَّتْ على الرَّ
كبِ سفتها العاصفُ العاصرُ

يزاحمُ القاطولَ منْ دجلة ٍ
رامٍ إلى البحرِ بها صائرُ

يرودُ روضَ الجودِ حيثُ استوى ال
ظِّلُّ ورفَّ الورقُ النَّاضرُ

وحيثُ قامَ الماءُ معْ أنَّهُ
جارٍ وحلَّ القمرُ السَّائرُ

قلْ لوزيرِ الوزراءِ التظى
بعدكَ ذاكَ الولهُ الفاترُ

وانتحتِ الأشواقُ قلبي فما
يفوتني القاصدُ والعائرُ

وأكلتني كلَُ جوفاءَ لا
يشبعها الحالبُ والجازرُ

تسرطني بلعاً وكانتْ وما
يسيغُ لحمى فمها الفاغرُ

في كلِّ يومٍ قتبٌ ضاغطٌ
يغمزُ نضوٌ تحتهُ ضامرُ

أدعو فلانا وفلاناً لهُ
دعاءَ منْ ليسَ لهُ ناصرُ

أقمتُ أرعى جدبَ دارٍ وفي
أخرى ربيعٌ مائحٌ مائرُ

فمنْ لظمآنَ بنجدٍ وفي
تهامة ٍ صوبُ الحيا القاطرُ

يا شرفَ الدِّينِ عسى ميِّتُ ال
فضلِ بأنْ تلحظهُ ناشرُ

يا خيرَ منْ دلَّتْ على بابهِ
حائرة ٌ يركبها حائرُ

أظلعها التُّطوافُ معْ فرطِ ما
ورَّثها منْ جلدٍ داعرُ

بقَّى السُّرى منها ومنهُ كما
بقَّى منَ المأطورة ِ الآطرُ

لمْ يريا قبلكَ بيتاً لهُ
نادٍ ولا ناراً لها سامرُ

حتّى قضى اللهُ لحظَّيهما
عندكَ قسماً كلُّهُ وافرُ

فحوِّلا عنْ عطنٍ واسعٍ
يذرعُ فيهِ الأملُ الشَّابرُ

لمْ يبقَ منْ فوقِ الثُّرى للعلا
غيركَ لا سمعٌ ولا ناظرُ

قدْ كانتْ الأرضُ ولوداً فمذْ
ولدتَ فهي المقلتُ العاقرُ

وسلَّمَ الإجماعُ منْ أهلها
أنَّكَ فيها المعجزُ الباهرُ

إنْ نجمتْ ناجمة ٌ بالظُّبا
أبدعَ فيها سيفكَ الباترُ

أوْ كانتْ الشُّورى غطاءً على ال
بطئِ جلَّ رأيّكَ الحاضرُ

وإنْ أخذتَ الدَّستَ والصَّدرَ فال
قضاءُ ناهٍ فيهما آمرُ

أوْ وردَ النَّاسَ فلمْ يصدروا
عجزاً فأنتَ الواردُ الصَّادرُ

وكمْ أراكَ اليومُ ما في غدٍ
ما أنتَ منْ أمرِ غدٍ حائرُ

إنْ تنزع الدَّولة ُ ما ألبستْ
منكَ وأنتَ الملبسُ الفاخرُ

أو يكفرَ الحقُّ ولا بدَّ أنْ
يحرمَ طيبَ النِّعمة ِ الكافرُ

فاسئلْ منَ النَّاجي إذا بويعتْ
نفسٌ بنفسٍ ومنِ الخاسرُ

غداً يرى عندَ اختلافِ القنا
كيفَ غناءُ الدِّرعِ يا حاسرُ

ويعكفُ النَّادمُ مسترجعاً
عادة َ ما عوَّدهُ الغافرُ

اللهُ إنْ ترضوا وإنْ تسخطوا
قدَّرَ وهو العالمُ القادرُ

أنَّ العلا بحبوحة ٌ بيتها ال
مشرقُ هذا الحسبُ الطَّاهرُ

ناصي بها عبدُ الرَّحيمِ السها
وبعدهُ الكابرُ والكابرُ

حتَّى انتهى الفخرُ إلى هضبة ٍ
ليسَ لمنْ يصعدها حادرُ

ساهمَ في المجدِ فعلَّى بهِ
مقادحٌ ليسَ لهُ قامرُ

قدْ فرضَ اللهُ لتدبيرهِ ال
أمرَ وهذا الفلكُ الدَّائرُ

فكلَّما ندَّ إلى غيرهِ
فهو إليهِ صاغراً صائرُ

ياملبسَ النُّعمى التي لمْ يزلْ
عليَّ منها الشَّاملُ الغامرُ

ومنبعي العذبَ إذا قلَّصَ السَّ
جلُ وأكدي الرَّجلُ الحافرُ

مضتْ بطرحي أشهرٌ تسعة ٌ
حاشاكَ أنْ يعقبها العاشرُ

هذا وما قصَّرَ شعرٌ ولا اس
تحالَ عنْ عادتهِ شاكرُ

وما لخلاَّتي سوى جودكمْ
خبيئة ٌ يذخرها الذَّاخرُ

قدْأقحطَ الوادي فلا لابنٌ
لطارقِ الحيَّ ولا تامرُ

فلا ونتْ تطرقكمْ في النَّوى
فتائلٌ أبرمها الضَّافرُ

زوائرٌ تهدي لأعراضكمْ
ألطفَ ما يحملهُ الزَّائرُ

يؤثرُ عنها خبرٌ صادقٌ
في مجدكمْ أو مثلٌ سائرُ

في كلِّ نادٍ نازحٍ غائبٍ
لها حديثٌ بكمُ حاضرُ

تعرضُ أيَّامَ التَّهاني بها
ما تعرضُ المعشوقة ُ العاطرُ

تميسُ منها بينَ أيَّامكمْ
خاطرة ً يتبعها الخاطرُ

لثَّمها التحصينُ عنْ غيركمْ
وهي على أبوابكمْ سافرُ

شاهدة ٌ أنَّي لكمْ حافظٌ
إذا نبا أو نكثَ الغادرُ

وكمَّلَ الفخرُ لها أنَّكَ ال
ممدوحُ فيها وأنا الشَّاعرُ