عسى معرضٌ وجههُ مقبلُ - مهيار الديلمي

عسى معرضٌ وجههُ مقبلُ
فيوهب للآخر الأوّلُ

أرى الدهرَ طامنَ من تيهه
وعُدّل جانبه الأميلُ

وخودع عن خلقه في العقوق
وما خلتُها شيمة ً تنقلُ

أصفت جمّة الماء بعد الأجون
وقرَّ وكان نبا المنزلُ

حمى السرحَ أغلبُ وارى الزناد
أسودُ الشرى عنده أشبلُ

بعينين لا يسألان السهاد
متى الصبحُ إن رقد المهملُ

له عطنٌ لا تشمُّ الدما
ءَ فيه ذئابُ الغضا العُسَّلُ

فأبلغْ حبائبنا بالنُّخيلِ
رسولا وما صغراً ترسلُ

صلونا فقد نسخ الهجرَ أم
سِ أمرٌ له اليوم ما يوصلُ

وقد قسمَ النَّصفَ حرُّ اليمي
ن في كلّ مظلمة ٍ يعدلُ

وطرّحْ لحاظك هل بالشُّريفِ
ركائبُ يحفزها المُعملُ

عوائمُ في الآل عوم السفي
ن يطردها عاصفٌ زلزلُ

وأين ببابلَ منك الحمو
لُ موعدها النَّعفُ أو حوملُ

وقفنا وأتعبَ ليَّ الرقاب
بسقط اللِّوى طللٌ يمثلُ

فلا حافظٌ عهد من بان عنك
فيبكي ولا ناطقٌ يسألُ

سقيتَ محلاًّ وأحيت رباك
مدامعُ كلِّ فتى يقبلُ

ولا برحتْ تضع المثقلاتُ
من المزن فوقك ما تحملُ

وفي الركب من ثعلٍ من يدُ
لّ إلا على سهمه المقتلُ

يطفن بلفَّاء منها القضيبُ
ومنها كثيبُ النقا الأهيلُ

محسّدة العين سهلُ اللحا
ظِ يصبغها مثله الأكحلُ

مهاوى قلائدها إن هوينَ
بطاءٌ على غررٍ تنزلُ

تفوت النواسجَ أثوابها
فليس لها مئزرٌ مسبلُ

أحقّاً تقنَّصني بالحجا
ز في شكَّتي رشأٌ أعزلُ

حبيبٌ رماحُ بغيضٍ تبي
تُ دون زيارته تعسلُ

لقد أحزنتْ لك ذاتُ البرينَ
لواحظَ كانت بها تسهلُ

رأت طالعاتٍ نعين الشبابَ
لها وهو أنفس ما تثكلُ

فما سرَّها تحت ذاك الظلا
م أنّ مصابيحه تشعلُ

عددتُ سنيَّ لها والبياضُ
لدعواي في عدِّها مبطلُ

وأقبلتُ أستشهدُ الأربعين
لو أنّ شهادتها تقبَلُ

وقالوا رداءٌ جميلٌ عليك
ألا ربّما كرهَ الأجملُ

وويل امّها شارة ً لو تكو
ن صبغا بغير الردى ينصلُ

وما الشيب أوّل مكروهة
بمحبوبة أنا مستبدلُ

تمرَّنَ جنبي بحمل الزمان
فكلّ ثقيلاته أحملُ

فردَّ يدي عن منالِ المنى
وكفِّي من باعه أطولُ

وتعقل ناشطَ عزمي الهمو
مُ والماءُ يحبسه الجدولُ

وما الحظّ في أدبٍ مفصحٍ
ومن دونه نشبٌ محبلُ

تراضى الفتى رتبة ٌ وهو حي
ث يجعله مالهُ يجعلُ

وقد يرزق المالَ أعمى اليدي
ن فيما يجودُ وما يبخلُ

ويستثقل الناسُ ما يحمل ال
فقيرُ وحملُ الغنى أثقلُ

حمى الله للمجد نفساً بغير
سلامتها المجدُ لا يحفلُ

وحيّا على ظلمات الخطو
ب وجها هو البدرُ أو أكملُ

يندّ القذى إن تلاقت عليه
جفونٌ برؤيته تكحلُ

وتقبلُ بالرزق قبل السؤال
أسرَّتهُ حين تستقبلُ

إلى الروض تحت سماءِ الوزي
ر تعترض العيسُ أو ترحلُ

مصاييف تشربُ جرّاتها
إذا عاقها عن سرى ً منهلُ

غواربها بعضاضِ القتو
د من بزّ أوبارها تنسلُ

يصيح بهنّ الرجاءُ العني
فُ هبْ إن ونى السائقُ المهملُ

تضيع على المقل الضابطا
ت أخفافها فرطَ ما تجفلُ

فتحسبُ منهنّ تحت الرحال
كراكرَ ليست لها أرجلُ

إذا غوّثت باسمه في الهجير
وفى الظلُّ وانجبس الجندلُ

فحطّت وقد لفَّ هامَ الربى
من الليل مطرفهُ المخملُ

وقد سبقتنا إليه النجوم
فمثلَ مغاربها تنزلُ

كأن الثريّا لسانٌ علي
ه يثنى معي أو يدٌ تسألُ

إلى خير مرعى ً جميمٍ يُلسُّ
وأعذبِ ماءِ حياً ينهلُ

ومن سبقَ الناسَ لا يغضبون
إذا أخّروا وهو الأوّلُ

من القوم تنجد أيمانهم
إذا استصرخ البلدُ الممحلُ

رحابُ الذَّرا وجفانِ القرى
إذا بلّت الموقدَ الشمألُ

بنى الملكَ فوقهمُ عزُّه ال
قدامى وغاربه الأطولُ

وداموا الزمانَ وليدا وشاب
وهم شعرُ مفرقه الأشعلُ

لهم غررٌ أردشيريَّة
تضيء وستر الدجى مسبلُ

ترى خرزَ الملك من فوقها
مياسمَ والناسُ قد أغفلوا

أولئك قومك من يعزهم
فكعبُ مناقيره الأسفلُ

ولي تابعاً لك يوم الفخا
ر من باب مجدهمُ مدخلُ

وترمي القبائلُ عن قوسهم
وأرمي ولكنك الأفضلُ

وما تلك تسوية بيننا
وفي الظبية العين والأيطلُ

ويومٍ تواكلُ فيه العيونُ
عمائمُ فرسانه القسطلُ

تعارضُ فيه الكماة ُ الكماة َ
فمتنٌ يحطَّمُ أو كلكلُ

تورّطته خائضا نقعه
بما شاء أبطالهُ تجدلُ

ترى عاره درنا لا يماط
بغير الدماء فلا يُغسلُ

بنيتَ حياضا من الهام في
ه تشرعُ فيها القنا الذُّبلُ

وعدتَ بأسلاب أملاكه
تقسَّم في الجود أو تنقلُ

وتحتك أحوى يطيش المراح
به أن يقرَّ له مفصلُ

كأنّ الأباريق طافت علي
ه أو مسَّ أعطافه أفكلُ

شجاه غناءُ الظُّبا في الطُّلى
فمن طربٍ كلّما يصهلُ

إذا قيل في فرسٍ هيكلٌ
تبلَّغ ينصفهُ الهيكلُ

جرى المجهدون فلم يلتبس
بنقعك حافٍ ولا منعلُ

إذا فات سعيك شأوَ الرياح
فمن أين تلحقك الأرجلُ

يعجُّ النديُّ خصاماً فإن
نطقتَ أرمَّ لك المحفلُ

ويختلفُ الناسُ حتى إذا
قضيتَ قضى القدرُ المنزَلُ

بسطتَ يدينِ يداً تأخذُ الن
فوسَ بها ويداً تبذُلُ

فيمناك صاعقة ٌ تتّقى
ويسراك بارقة ٌ تهطلُ

وقد أصلح الناسَ في راحتيك
أخوك الندى وابنك المقصلُ

سقيتَ فأطفأ لهبَ البلا
د ماءُ أناملك السلسلُ

ولم يُرَ أنوأَ من قبلها
مواطرُ أسماؤها أنملُ

فداك وتفعلُ ما لا تقول
ممَنٍّ يقولُ ولا يفعلُ

يلومك في الجود لمّا عرف
تَ من شرف الجود ما يجهلُ

وما غشّ سمعك أشنا إلي
ك من ناصح في الندى يعذلُ

سللتَ على المال سيفَ العطاءِ
فلاحيك في الجود مستقتلُ

أعيذك بالكلمات التي
بهنّ تعوَّذَ من يكملُ

فلا يسع الجوُّ ما قد وسعتَ
ولا تحمل الأرضُ ما تحملُ

إذا الخلفاء انتدوا والملو
كُ عدّوك أشرفَ ما خُوّلوا

وقام أعزّهم من جلستَ
لنظم سياستهِ تكفلُ

رددتَ العمائم لما وزرتَ
تخاطبُ تيجانهم من علُ

ليهنِ الوزارة َ أن زُوّجتك
على طول ما لبثتْ تعضلُ

غدت بك محصنة ً لا تحلُّ
لبعلٍ سواك ولا تبذلُ

وتعلمُ إنْ نازعت للرّجا
ل محصنة ٌ أنّها تقتلُ

وكانت بما تعدم الكفءَ في
حبال بعولتها تزمُلُ

لئن جئتها عانسا قد أبرّ
على سنّها العددُ الأطولُ

ففي معجزاتك أن الشبابَ
لها عاد؛ ماضيه مستقبلُ

وإن كنتَ آخرَ خطّابها
فإنك محبوبُها الأوّلُ

فلا عريتْ دولة ٌ ألبستك
شفاءً وأدواؤها تمطَلُ

ضفا فوقها رأيُك السمهريُّ
وقد صاح بالضارب المقتلُ

وجلّلتها نافيا شوبها
كما جلّل الجُمّة َ المرجلُ

وضاحك بغدادَ بعد القطو
ب من عدلك العارضُ المسبلُ

تعرفَ مذ دستها تربُها
كما عرَّفَ الرّيطة َ المندلُ

طلعتَ عليها طلوعَ الصِّبا
وليلُ ضلالتها أليلُ

وكم طفقتْ بك مصر تطول
عليها وتكثرها الموصلُ

ولسنا هناك ولكنّه
يعزُّ بك الخاملُ المهملُ

أنا العبد كثَّرتَ حسّاده
على ما تقولُ وما تفعلُ

ملأتَ عيابَ المنى بالغنى
له واستزادك ما يفضلُ

سوى شعبة ٍ ظهرها للزما
ن من حاله كاشفٌ أعزلُ

تروّعها حادثاتُ الخطوب
وتحذر منك فلا تنبُلُ

فهل أنت منتشلي من نيو
ب دهرٍ يدمِّي ولا يدمُلُ

ومن عيشة ٍ كلّ أعوامها
وإن أخصبَ الناسُ بي ممحلُ

يكالح سرحى ثراها القطوبُ
ومسرح روّادها مبقلُ

أجرني بجودك من أن أذلَّ
وانصرْ دعائي فلا أخذَلُ

وصن بك وجهي عمّن سواك
فما مثل وجهيَ يستبذلُ

فكم راش مثلُك مثلي فطار
وإن كان مثلك لا يفعلُ

وقدما وفى لزهيرٍ وزا
د من هرمٍ واهب مجزلُ

فسار به الشعرُ فيما سمع
تَ من مثلٍ باسمه يُرسلُ

وحسّان أمست رقاه الصعا
بَ من آل جفنة َ تستنزلُ

فأوقرَ منهم وسوقا تنو
ء منها البكارُ بما تحملُ

تعرَّفَ ريحَ عطاياهمُ
وقد جاء يحملها المرسلُ

وأبصر نعماءهم نازحين
وبابُ لواحظهِ مقفلُ

وشدَّ الحطيئة ُ منْ آل لأيٍ
بعروة ِ أملسَ لا يُسحلُ

تنادوه بين بيوت ابن بدر
فعلَّوه عنهنّ واستثقلوا

وجازوه يغتنمون الثناءَ
فبقَّى لهم فوق ما أمَّلوا

وقام يزيدُ على جبنه
فدافع ما كرهَ الأخطلُ

ملوك مضوا بالذي استعجلوا
وطاب لهم ذخرُ ما أجَّلوا

وما فيهمُ جامعٌ ما جمعتَ
إذا أنتَ حصَّلت أو حصَّلوا

وإن أبطأ الحظُّ فالمهرجا
نُ إلى حظّه ناهضٌ قلقلُ

هو اليوم جاءك في الوافدي
ن معنى ً وإن عزَّه مقولٌ

تجلَّى بفضلِ قبولٍ حباه
به وجهُ دولتك المقبلث

وما زال قدماً عريقَ الجما
ل والعامَ منظره أجملُ

يمينا لما بعدَ هذا المقا
م أصرمُ منّى ولا أنبلُ

يلجلج عنك اللسانُ السلي
طُ وتضحى حديدته تنكُلُ

وقد ركب المادحون الصعابَ
ولكنِّي الفارسُ المرجلُ

وما كلّفوا عدَّ سرحِ النجوم
ومثقالَ ما تزن الأجبلُ

أحلتَ القرائحَ تحت القلوب
سوى أنني القُلَّب الحُوَّلُ

رمى الشعراءُ عناني إلى ّ
ففتُّ وأرساغهم تشكلُ

وسرَّهمُ أنهم يعملون
بزعمهمُ وأنا أعملُ

ولو منعَ الجبنُ بالسيفِ كان
أحقَّ بضرب الطُّلى الصيقلُ

ببسطك لي سال وادي فمي
ولاينني الكلمِ الأعضلُ

فسوّمتها مهرة ً لا يعضُّ
بغيرِ يدي شدقها مسحلُ

محرّمة َ السرج إلا علي
ك تشرفُ منك بمن تبعُلُ

كأنّ عبيدا تمطَّى بها
ومسّح أعطافها جرولُ