عجبتُ لمرّ النفسِ كيف يضامُ - مهيار الديلمي

عجبتُ لمرّ النفسِ كيف يضامُ
وحرٍّ يخاف العتب وهو ينامُ

وراضٍ بأوساطِ الأمور فقاعدٌ
وفيه إلى غاياتهنَّ قيامُ

سقى الله حرّاً عارفا بزمانه
تجاربهُ قد شبنَ وهو غلامُ

يخاطر من علياه خبراً بنفسه
وإن شلَّ أقدامٌ وطؤطئَ هامُ

يسمّون عيشا في الخمول سلامة ً
وصحّة ُ أيام الخمول سقامُ

ويستعذبون الرزقَ طالت يدٌ بهِ
إذا أسمنَ الأجسام وهو سمامُ

دع الناسَ فيما أجمعوا وامض واحدا
فنقصك ممن لا يعدُّ تمامُ

وغظهم لعلّ الغيظ أن يتنبَّهوا
عليك به فالغافلون نيامُ

تقدّمْ إذا ما أخّروك عليهمُ
ولا تك مأموما وأنت إمامُ

تغرَّب وراء العارفين فربما
أفاد رحيلٌ ما أفاد مقامُ

عسى هذه الأرضُ الولودُ بماجدِ
تطرِّقُ واذكر كيف ساد عصامُ

فإن التي جاءت بمثل محمّدٍ
ليخرجُ منها طيبون كرامُ

رويدك بي يا رائدي إن مرتعا
إذا صدق الوُرَّاد فيه أقاموا

جميمٌ على قدر المشافرِ نابتٌ
وماءٌ على حكم السُّقاة جمامُ

نشدتك قرَّبْ لي معوّدة َ الطَّوى
عليها سوى الماء العليقُ حرامُ

إذا ظهرُ طرف لم يطقْ غيرَ فارسٍ
ففرسانها المستبطنون زحامُ

تسرَّبُ شقَّ الأيمْ في التُّربِ طرقهُ
لها زبدٌ من شدّها ولغامُ

كأن صفاءَ الماء ينفرج القذى
بها عنهُ وجٌ عطّ عنه لئامُ

من الحبشيات اللواتي إذا انتمت
أسرَّ لها سامٌ وأظهرَ حامُ

إذا رحلتْ بالشُّرع مرَّت كأنّها
جوافلُ من طرد الشَّمال نعامُ

فإمّا ركبناها فبلَّ غليله
فؤادٌ به إلى الكرام أوامُ

وإما عدانا للمقادير عائقٌ
فما تمنع الأقدارُ كيف ترامُ

وإن تتقدَّمني فصلْ وهديَّتي
صلاة ٌ إلى سمع العلا وسلامُ

فبلِّغ وقل لا طامعا في رجوعه
إلامَ على فرط السماح تلامُ

وكم يطمع الأعداءُ فيك بهزِّهم
وقد جلَّ عن شمِّ التراب شمامُ

ألم يكفهم يومٌ رجوه فخيَّبوا
ويومٌ وعامٌ جرّبوه وعامُ

وما أعلمَ الحسَّادَ للشمس أنهم
فناءٌ على الأيّام وهي دوامُ

أبى اللهُ والفضل الذي فيك والتُّقى
وكفٌّ إذا جفَّ السحابُ سجامُ

وسيفانِ هذا حاسم الغيِّ ما جرى
وقطَّ وهذا كيف قطَّ حسامُ

وعارضة ٌ من عارض الغيث أرضعتْ
خواطرها فما لهنّ فطامُ

إذا ترجمتْ عن بحر علمك أعجمت
لها ألسنُ عربٌ وناب كلامُ

وكتبٌ تفضُّ الروضَ نشرا ومنظرا
إذا فضَّ من مطويِّهنَّ ختامُ

أبا حسنٍ أمطرتَ منّى دوحة ً
تطولُ وتنمي والغمامُ جهامُ

مباركة تجنى لأوّلِ حولها
ويذوي أراكٌ حولها وبشامُ

وضعتُ سنانا دون عرضك والغا
دماً ولسانا إن أجدَّ خصامُ

وأسمنتَ أيّامي فعدن بدائنا
وهن جلودٌ من ضناً وعظامُ

وكم مدّ بين المجدِ لمّا دعوتهم
وإيّاك في الجلَّى شقتَ وعاموا

فلا يعدمنك الحمدُ منى شواردا
لهنّ على بعد المسير مقامُ

من الكلمِ المختصِّ يعلم ما أتى
وفيه كما في قائليه طغامُ

مولّدة ما بين كسرى ويعربٍ
وفي السيف ماء كامن وضرامُ

أصولٌ لهاقصر المدائن خطَّة ٌ
وفرعٌ لها بالأبطحين خيامُ

فملِّيتها كفئاً عروفا بحقِّها
لها منك كفلٌ ناهضٌ وقوامُ

وعشتَ وعاش الحاسدوك بدائهم
فإن حياة الحاسدينِ حمامُ