الآن إذ بردَ السلوُّ ظمائي - مهيار الديلمي

الآن إذ بردَ السلوُّ ظمائي
و أصابَ بعدكم الأساة ُ دوائي

كانت عزيمة حازمٍ أضللتها
في قربكم فأصبتها في النائي

آليتُ لا رقبَ الكواكبَ ناظري
شوقا ولا مسحَ الدموعَ ردائي

أمسٌ من الأهواءِ عفى رسمه
بيد النهى يومٌ من الآراءِ

و قذاءُ قلبي أن يحنّ لناظرٍ
يومَ الرحيل تفرق الخلطاءِ

دعهم ومنْ حملته حمرُ جمالهم
للبين من حمراءَ في بيضاءَ

مستمطرين ولم تجدهم أدمعي
و مؤججين وما لهم أحشائي

كانوا النواظرَ عزة ً لكنهم
غدروا فلم تطبق على الأقذاءِ

و لقد يغادرني وحيداً مخفقاً
خبثُ المعاش وقلة ُ النجباءِ

أظمى ورييَّ في السؤال فلا يفي
حرُّ المذلة ِ لي ببرد الماءِ

قالوا سخطتَ على الأنام وإنما
سخطى لجهلهم بوجه رضائي

صورٌ تصرفُ أنفسُ الأمواتِ في
أجسامها بجوارح الأحياءِ

ألقي إلى الصماء بثى َ منهمُ
و أعير شمسى َ ناظرَ العشواءِ

بأبي غريبٌ بينهم في داره
متوحدٌ بتعدد النظراءِ

يفديك مستامون لا عن قيمة ٍ
مسمون والمعنى سوى الأسماءِ

يتطاولون ليبلغوك ولم يكن
ليضمهم وعلاك خطُّ سواءِ

و إذا جريتَ على الرهان وبهمهم
لاقَ الخلوقُ بجبهة الغراءِ

و الشامة ُ البيضاءُ تنعت نفسها
بوضوحها في الجلدة السوداءِ

عجزتْ قرائحهم وأغدرُ غادرٍ
يومَ الخصام الفاءُ بالفأفاءِ

لبيك عدة َ ما أتاني غافلا
عنك الرواة ُ بطيب الأنباءِ

و غلوتَ في وصفي فقلتُ سجية ٌ
ما زلتُ أعرفها من الكرماءِ

عميَ الورى عن وجهها فرأيتهُ
و هو البعيد بناظريْ زرقاءِ

قد كنتُ أظهرها وتخفى بينهم
ما للغنى أثرٌ على البخلاءِ

لا ارتعتُ إذ أعطيتُ منك مودة ً
ماذا أسرّ الناسُ من بغضائي

و صداقتي للفاضلين شهادة ٌ
بالنقص ثابتة ٌ على أعدائي

نسبٌ مزجنا لا تميز بيننا
فيه امتزاجَ الماءِ بالصهباءِ

و مودة الأبناء أحسنُ ما ترى
موروثة ً عن نسبة الآباءِ