أثيم الهوى - عبدالله البردوني
جريح الإبا صامت لا يعي
                                                                            و في صمته ضجّة الأضلع
                                                                    و في صدره ندم جائع
                                                                            يلوك الحنايا و لم يشبع
                                                                    تهدّده صيحة الذكريا
                                                                            ت كما هدّد الشيخ صوت النعي
                                                                    و يقذفه شبح مفزع
                                                                            إلى شبح موحش مفزع
                                                                    و يصغي و يصغي فلم يستمع
                                                                            سوى هاتف اللإثم في المسمع
                                                                    و لم يستمع غير صوت الضمير
                                                                            يناديه من سرّه الموجع
                                                                    فيشكو إلى من ؟ و ما حوله
                                                                            سوى اللّيل أو وحشة المخدع
                                                                    كئيب يخوّفه ظلمه
                                                                            فيرتاع من ظلّه الأروع
                                                                    و في كلّ طيف يرى ذنبه
                                                                            فماذا يقول و ما يدّعي
                                                                    فيملي على سرّه قائلا
                                                                            أنا مجرم النفس و المطمع
                                                                    أنا سارق الحبّ وحدي ! أنا
                                                                            خبيث السقا قذر المرتع
                                                                    هوت إصبعي زهرة حلوة
                                                                            فلوّثت من عطرها إصبعي
                                                                    توهّمتها حلوة كالحيا
                                                                            ة فكانت أمرّ من المصرع
                                                                    أنا مجرم الحبّ يا صاحبي
                                                                            فلا تعتذر لي فلم تقنع
                                                                    و لا ، لا تقل معك الحبّ بل
                                                                            جريمته و الخطايا معي
                                                                    و مال إلى اللّيل و اللّيل في
                                                                            نهايته و هو لم يهجع
                                                                    و قد آن للفجر أن يستفيق
                                                                            و ينسلّ من مبسم المطلع
                                                                    و كيف ينام " أثيم الهوى "
                                                                            و عيناه و السهد في موضع
                                                                    هنا ضاق بالسهد و الذكريات
                                                                            وحنّ إلى الحلم الممتع
                                                                    فألقى بجثّته في الفرا
                                                                            ش كسير القوى ذابل المدمع
                                                                    ترى هل ينام وطيف الفجو
                                                                            ر ورائحة الإثم في المضجع ؟
                                                                    و في قلبه ندم يستقي
                                                                            دماه و في حزنه يرتعي
                                                                    و في مقلتيه دموع و في
                                                                            حشاه نجيب بلا أدمع
                                                                    فماذا يلاقي و ماذا يحسّ
                                                                            و قد دفن الحبّ في البلقع
                                                                    و عاد و قد أودع السرّ من
                                                                            حناياه في شرّ مستودع
                                                                    فماذا يعاني ؟ ألا إنّه
                                                                            جريح الإبا صامت لا يعي