امرأة الفقيد - عبدالله البردوني
لم لا تعود ؟ وعاد كل مجاهد
يحلى (( النقيب )) أو انتفاخ ((الرائد))
ورجعت أنت ، توقعا لملمته
من نبض طيفك واخضرار مواعيدي
وعلى التصاقك باحتمالي أقلقت
عيناي مضطجع الطريق الهامد
وامتدّ فصل في انتظارك وابتدا
فصل ، تلفّح بالدخان الحاقد
وتمطّت الربوات تبصق عمرها
دمها وتحفر عن شتاء بائد
وغداة يوم ، عاد آخر موكب
فشممت خطزك في الزحام الراعد
وجمعت شخصك بنية وملا محا
من كل وجه في اللقاء الحاشد
حتى اقتربت وأمّ كلّ بيته
فتّشت عنك بلا احتمال واعد
***
من ذا رآك وأين أنت ؟ ولا صدى أو مي اليك ، ولا اجابة عائد
والي انتظار البيت ، عدت كطائر
قلق ينوء على جناح واحد
***
لا تنطقي يا شمس : غابات الدجى
يأكلن وجهي يبتلعن مراقدي
وسهدت والجدران تصغي مثلما
أصغي ، وتسعل كالجريح الساهد
والسقف يسأل وجنتيّ لمن هما ؟
ولمن فمي ؟ وغرور صدري الناهد؟
ومغازل الأمطار تعجن شارعا
لزجا حصاه من النحيع الجامد
وأنا أصيخ إلى خطاك أحسّها
تدنو ، وتبعد ، كالخيال الشارد
ويقول لي شيء ، بأنك لم تعد
فأعود من همس الرجيم المارد
***
أتعود لي ؟ من لي ؟ أتدري أنني
أدعوك إنك مقلتاي وساعدي
إني هنا أحكي لطيفك قصّتي
فيعي ، ويلهث كالذبال النافد
خلّفتني وحدي ، وخلّفني أبي
وشقيقتي ، للمأتم المتزايد
وفقدت أمّي : آه يا أمّ افتحي
عينيك ، والتفتي إليّ وشاهدي!
وقبرت أهلي ، فالمقابر وحدها
أهلي ، ووالدتي الحنون ووالدي
وذهلت أنت أو ارتميت ضحيّة
وبقيت وحدي ، للفراغ البارد
***
أتعود لي ؟ فيعبّ ليلي ظلّه
ويصيح في الآفاق . أين فراقدي؟