فاتحة - عبدالله البردوني

يا صمت ما أحناك لو تستطيع
تلفنّي ، أو أنني أستطيع

لكن شيئا داخلي يلتظي
فيخفق الثلج ، ويظمى الربيع

يبكي ، يغنّي ، يحتذي سامعا
وهو المغنّي والصدى والسميع

يهذي فيجثو الليل في أضلعي
يشوي هزيعا ، أو يدمّي هزيع

وتطبخ الشهب رماد الضحى
وتطحن الريح عشايا الصّقيع

ويلهث الصبح كمهجورة
يحتاج نهديها خيال الضجيع

***

شيء يناغي ، داخلي يشتهي
يزقو ، يدوّي ، كالزحام الفضيع

يدعو ، كما يدعو نبيّ ، بلا
وعي ، وينجرّ انجرار الخليع

فيغتلي خلف ذبولي فتى
ويجتدي شيخ ، ويبكي رضيع

يجوع حتى الصيف ينسى الندى
ميعاده ، بهمي شهيق النجيع

ويركض الوادي ، وتحبو الربى
ويهرب المرعى ، ويعيى القطيع

ما ذلك الحمل الذي يحتسي
خفقي ، ويعصي ذا هلا أو يطيع

يشدو فترتدّ ليالي الصبا
فجرا عنيدا ، أو أصيلا وديع

وتحبل الأطياف تجني الرؤى
ويولد الآتي ويحيا الصريع

فتبتدى الأشتات في أحرفي
ولادة فرحى ، وحملا وجيع

***

هذه الحروف الضائعات المدى
ضيّعت فيها العمر ، كي لا تضيع

ولست فيما جثته تاجرا
أحسّ ما أشري وماذا أبيع

اليكها يا قارتي إنها ،
على مآسيها : عذاب بديع