صديق الرياح - عبدالله البردوني

على اسم الجنيهات ، والأسلحة
يتاجر بالموت ، كي يربحه

ويشتم كفّي مرابي الحروب
فيزرع في رمله مطمحه

ذوائبه الحاضنات النّجوم
بأيدي المرابين ، كالمسحه

يمنّيه طاغ ، حساه الفجور
وجلمد في حلقه النحنحه

فيدمى وتغدو جراحاته
مناديل .. في كفّ من جرحه

وتومى له حربة الهرمزان
بقرآن (عثمان) والمسبحه

فيهوى ، له جبة من رماد
ومن داميات الحصى أوشحه

على وجهه ، ترسب الحشرجات
وتطفو ، قبور ، بلا أضرحه

ويجتره من وراء السراب
أسىّ ، يرتدي صبغة مفرحه

فيجتاح تلاّ شواه الحريق
وتلاّ ، دخان اللّظى لوّحه

ويغتال رابية ممسيا
وتأكله ربوة ، مصبحه

وكالسّل يمتصّ زيت (الرياض)
ويرضع من دمه المذبحه

ويسقط حيث تلوح النقود
هنا أو هنا لا يعي مطرحه

طيوف الحياة على مقلتيه
عصافير دامية الأجنحه

تغب أساريره الأمسيات
وتنسى الصبحات أن تلمحه

وغاباته أن يدير الحروب
ويبتز أسواقها المريحه

وما دام فيه بقايا دم
فمن صالح الجيب أن يسفحه

يجود بأشلاته ولتكن
(لابليس) أو (آدم) المصلحه

***

وتلك عوائده الخالدات
يجوع ، ومن لحمه ، يأكل

بلا درهم كان يدمى فكيف ؟
وكنز ( المعزّ) له يبذل

أينسى عرافته أنه :
أبو الحرب أو طفلها الأول

وما زال تنجبه كل يوم
(بسوس) وأخرى به تحبل

إلى أين يسري ؟ ورد الصدى : إلى حيث لا ينثني الرّحل

وكان هناك سراج حزين
يئنّ ، ونافذة تسعلى

فاصغى الطريق إلى مسمر
كنعش ينوء بما يحمل

وقال عجوز سهى الموت عنه
على من تنوح ومن نثكل؟

رمى أمس (يحيى) أخاه (سعيدا)
وأردى ابن أختي أخي (مقبل)

فرد له جاره : لو رأيت
متارينا كيف تستقل

تمور فتغشى الجبال الجبال
ويبتلع الجندل الجندل

ويهوي الجدار على ظلّه
ويجتر أسواره المعقل

وقالت عروس صباح الزفاف
سعى قبل أن يبرد (المخمل)

ويوما حكموا أنه في (حريب)
ويوما أتى الخبر المذهل

وصاح فتى : أخبروا عن أبي
وأجهش ، حتى بكى المنزل

وولّى ربيع مرير ، وعاد
ربيع ، بمأساته مثقل

وضاع المدى وصديق الرياح
يحوم … وعن وجهه يسأل

ويمضي به عاصف قلّب
ويأتي به عاصف حوّل

***

أما آن يا ريح أن تهدئي
ويا راكب الريح أن تتعبا

وأين ترى شاطىء الموج با
(براش) ويا نسمات الصّبا

ويا آخر الشوط : أين اللقاء ؟
ويا جدب أرجوك إن تخصبا

ويا حلم ، هل تجتلي معجزا
تحيل خطاه الحصى كهربا

يبيد بكف ، نيوب الرياح
ويمحو بكف ، حلوق الربى

ويغرس في الذئب رفق النّعاج
ويمنح بعض القوى الأرنبا

أيأتي ؟، ويحتشد الانتظار
يمد له المهد والملعبا

ويبحث عن قدميه الشروق
ويحفر عن ثغره المغربا

وعادت كما بدأت غيمة
توشّي بوارقها الخلّبا

وتفرغ أثداءها في الرمال
وتهوي تحاول إن تشربا

و(صنعاء) ترتقب المعجزات
وتحلم بالمعجز المجتبى

وكالصيف ، شعّ انتظار جديد
على الأفق ، وامتد واعشوشب

وحدّق من كل بيت هوى
يراقب عملاقه الأغلبا

ويختار أحلى الاسامي له
وينتخب اللّقب الأعجبا

ويخلقه فارسا يمتطي
هلالا ويتشح الكوكبا

سيدنو فقد آن للسّهد أن
ينام وللنّوح أن يطربا

فعمر الرّصاص كعمر سواه
وان طال جاء لكي يذهبا

وقد يقمر الجوّ بعد اعتكار
وقد ينجل الأحمق الانجبا