إلى قارئي - عبدالله البردوني
من القبر من حشرجات التراب
                                                                            على الجمر من مهرجان الذباب
                                                                    و من حيث كان يدقّ القطيع
                                                                            طبول الصلاة أمام الذئاب
                                                                    و يهوي كما يرتمي في الصخور
                                                                            قتيل على كتفيه ... مصاب
                                                                    و من حيث كانت كؤوس الجراح
                                                                            تزغرد بين شفاه الحراب
                                                                    و من حيث يحسو حنين الربى
                                                                            غبار المنى و نجيع السراب
                                                                    و من حيث يتلو السؤال السؤال
                                                                            و يبتلع الذعر وهم الجواب
                                                                    عزفت اصفرار الرماد العجوز
                                                                            ليحمرّ فيه طفور الشباب
                                                                    و حرّقت أنفاسي المطفئات
                                                                            و أطفأتها بالحريق المذاب
                                                                    ***
                                                                    أتشتمّ يا قارئي في غناي
                                                                            دخان المغنّي و شهق الرباب ؟
                                                                    و تسمع فيه أنين الضياع
                                                                            تبعثره عاصفات الضباب
                                                                    فإنّ حروفي اختلاج السهول
                                                                            و شوق السواقي ، و خفق الهضاب
                                                                    و شوق الرحيق بصدر الكروم
                                                                            إلى الكأس و الثلج في كلّ باب
                                                                    و خوف المودّع غيب النوى
                                                                            و سهد المنى في انتظار الإياب
                                                                    أنا من غزلت انتحار الحياة
                                                                            هنا شفقا من زفير العذاب
                                                                    و لحّنته سحرا يحتسي
                                                                            رؤى الفجر بين ذراعي كتاب
                                                                    و تنبض فيه عروق السكون
                                                                            و يمتدّ في ثلجة الالتهاب
                                                                    و يتّقد الشوق في مقلتيه
                                                                            و يظمأ في شفتيه العتاب