كلمة كل نهار - عبدالله البردوني

كيف اشرأب (ظفار) وانتخى (صبر)
يوم التقى الشعب ، والآمال ، والقدر

وكيف عاد (لصنعاء) العجوز ، صبا
أطرى ، وأشمس ، في ارجائها السمر

وكيف يا (نقم) المولود ، كيف همت؟
أصداؤه الخضر ، حتى أورق الحجر

وكيف أنكرت يا (صرواح) كل صدى
حتى تورّد في أهدابك الخبر

وكان يوم نشور الشعب منتظرا
وافى ، كما انهلّ في ميعاده المطر

أطلّ ، فاحتضنته كلّ رابية
وبشّر الوادي الممتد ،منحدر

وسار ، والفجر في كفيّه ألوية
ومن جراح الضحايا ، خلفه ، سحر

فهنّأت جارة أخرى ، وهنأها
جار ، وزغردت الشرفات والجدار

وها هنا غمغم التأريخ : أين أنا ؟
من قائد الزحف ، سيف الله أو عمر ؟

ماذا هنا اليوم ، يا دنيا ؟ هنا يمن
طفل ، على شفتيه يبسم الظفر

هذا النشور ، أو الميلاد ، مدّ فما
الى الأعالي ، فدلّى نهده القمر

مضى ، وكلّ طريق تحت موكبه
شدو ، وكل حصاه حوله ، وتر

***

وذات يوم ، ربيعي الضحى ، نبحت
(صنوان) عاصفة تعوي وتنفجر

من ذا أهاج رماد الأمس ، فاشتعلت
في أعين الريح ، من ذرّاته ، شرر

أهذه الحرب ، يا تأريخ ، كيف ترى
من خلف (جنات عدن) أومأت (سقر)

ومرّ عام ، جحيمي ، روائحه
دم ، بحشرجة البترول ، متّزر

ودب ثان ، خريفي المدى ، قلق
يفني ، ويفنى ، ويحيا ، وهو ينتحر

وطال كالسّهد ، حتى انهدّ في دمه
تثأبت من بقايا وجهه ، الحفر

وغاب خلف الشظايا ، فابتدت سنة
تعبّىء النار ، ثدييها وتعتصر

فأجهد الموت شدقيه وقبضته
فى تجلمد في أنيابه الضّجر

وقال كل نهار : لن تنال بد
من ثورة ، مات في ميلادها ، الخطر