لص تحت الأمطار - عبدالله البردوني

اللّيل خريفي أرعن
يهمي .. يدويّ .. يرمي .. يطعن

يستلّ حرابا ملهيّة
يستلقي كالجبل المثخن

يأتي ويعود كطاحون
أحجارا وزجاجا يطحن

يعدّو كالأدغال الغضبى
يسترخي يفغر كالمدفن

يعرّى … يتزيّا … يتيدىّ
أشكالا … يبسم … يتغضّن

في كلّ جدار يلتوّى
وبكلّ ممرّ … يتأسّن

وبلا أسماه يتسمّى
وبلا ألوان … يتلوّن

ويشم بأذنيه ، يرنو
قلقا كرقيب يتكهن

***

من أين أمرّ ؟ هنا وكر
ملعون … رادته ألعن

وخصوصيات … واقفة
تهذي كالمذياع الألكن

وتنقل براميلا تسطو
تحت الأضواء ولا تسجن

أخشابا جدّ مبروزة
بأسامي ناس تتزين

***

وهنا شبّاك يلحظني
شبح في وجهي يتمعن

شيء … سهتزّ كعوسجة
وعلى قدميه … يتوثن

باب يستجلي … زاوية
تصغي … منعطف كالمكن

قنديل يسهو كالغافي
ويعي كغبي يتفطّن

كبريء عاص يلتقّى
إعداما عن حكم معلن

***

ما هذا ؟ جمع مصطخب
يعوي أو يشدو … يتفنّن

حفر ترتجّ روادفها
حزم من قشّ تتلحّن

طرب في ذا القصر العالي
أو عرس في هذا المسكن

***

ولماذا أحمد من يبدو
فرحا من عيشته ممتن؟

لا … لست لئيما يؤسفني
أن يهنا غيري في مأمن

لكنّ مسرّات الهاني
توحي للعاني أن يحزن

***

حسنا ، كفّ المطر الهامي
وبدأت كدربي أتعفّن

وأخذت كأمسيّي أهمسي
أترمّد … أدمى … أتعجّن

***

أيسارا يا ((صنعا)) أمضي
أم أنتهج الدرب الأيمن ؟

هل هذا الأحسن أم هذا ؟
يبدو لا شيء هنا أحسن

***

فلتقدم يا (( فرحان)) بلا
خوف .. ما جدوى أن تأمن

أقدمت … أظنّ بلا ظن
وبدون يقين أتيقّن

ومضيت مضيت .. وصلت إلى
حي … كدخيل يتيمّن

فهنا إقطاعيّ دسم
فهنا إقطاعيّ أسمن

هذا ما أعىّ حارسه
بل هذا حارسه أخشن

***

وهناك عجوزا وارثه
تعطي … لو عندي ما أرهن

هل أغشى منزلها ؟ . أفشى
فلعلّ فوائده أضمن

لا ، لا … فيه جبن امرأة
وأنا لو أخنقها أجبن

***

البنك حراسته أقوى
ويقال ودائعه أثمن

لو كان الأمر حراسته
لحسبت صعوبته أمكن

البنك مغالقه أخرى
تحتاج لصوصا من ((لندن))

كلّ الأموال مسلّحة
بفنون الإرهاب المتقّن

***

فلأرجع ، حسنا … لا أدري
أرجوعي … أم تيهي أغبن ؟

سيهلّ غد … وله طرق
أتقى … زمتاعبه أهون

وبدأت أحسّ بزوغ فتى
غيري ، من مزقي يتكوّن