حكاية سنين - عبدالله البردوني
من أين أبتدىء الحكاية ؟
وأضيع في مد النهاية
وأعي نهاية دورها
فتعود من بدء البدايه
تصل الخطيئة بالخطيئة
والجناية بالجنايه
من عهد من ولدوا بلا
سبب وماتوا دون غايه
المسبلين على الذئاب
البيض اجنحة الرعايه
الناسجين عروقهم
لمواكب الطاعون رايه
من حوّلوا المستنقعات
الجائعات الى النفايه
أنصاف آلهة مطوقة
بأسلحة العنايه
ووجوههم كاللافتات
على مواخير الغوايه
كانوا ملوكا ظلّهم
حرم ورقيتهم حمايه
فلحومنا لخيولهم
مرعى وأعظمنا سقايه
وبيادر تعطيهم
حبّات أعيننا جبايه
والله والإسلام في
أبواقهم بعض الدعايه
أيام كانت للذباب
على الجراحات الوصايه
أيام كان السل يأكلنا
وليس لنا درايه
وأبي يعلمنا الضلال
ويسأل الله الهدايه
ويعيذنا ب((المصطفى))
والصالحين وكل آيه
ويقول : اعتادوا الطوى
كم عادة بدأت هوايه
ويعود يشكو والسعال
يرضّ في فمه الشكايه
من ها هنا ابتدت الروايه ، أين أين مدى الروايه ؟
***
أأقصّها ؟ بعضي يهيأني
وبعضي بزدريني
وبرغم إرهاقي أخوض مجاهل السر الكمين
وظلالها خلفي وقدّامي
كأمسية الطعّين
فأتيه فيها كالتفات الطيّف للطيّف الحزين
وأعافها فيشدّني
أرقي ويعزفني حنيني
وتزقزق الخلجات في
رأسي كعصفور سجين
ماذا يعاودني ؟ كشعوذة الرؤى ، كصدى اليقين ؟!
ويدير كأسا من دم الذكرى وحشرجة الأنين
فتهيحني ، ومناي يحفر
في حريقي عن معيني
والحرف يمزح في فمي
والسهد يلهث في جبيني
ومدى السّرى يطفو ويرسب
في فم الوهم الضّنين
ويمد أغنية تحن
الى الصدى ، ومن الرنين
ولمن ألحن هجعة الأشباح والرعب الدفين ؟
لمواكب التاريخ يرويها الأمين عن الأمين
ولأمي اليمن العجوز
ولابني اليمن الجنين
كانت مواقع خطوه
طينا توحّل فوق طين
***
أتقول لي ، ومتى ابتدت
سخرية القدر البليد؟
والى بدايتها أعود
على هدى الحلم الشريد
منذ انحنى مغنى ((عليّة))
واستكان حمى ((الوليد))
واستولد السحب الحبالى
الف ((هارون الرشيد))
حتى امتطى ((جنكيز))
عاصفة الصواهل والحديد
وهنالك انتعل ((التتار))
معاطس الشمم العنيد
وتموكبت زمر الذّئاب
على دم الغنم البديد
فاستعجم ((الضّاد)) المبين
وراية الفتح المجيد
أين العروبة ؟ هل هنا
أنفاس ((قيس )) أو ((لبيد))
أين التماعات السيوف
ودفء رنّات القصيد ؟
لا ها هنا نار القرى
تهدى ، ولا عبق الثريد
لا مستعيد ، ولا اختيال الشدو في شفتي ((وحيد))
فتلامعت أيدي علوج ((الترك)) تومىء من بعيد
وتقول : يا ريح ابدئي صخبي ، ويا دنيا : أعيدي
ونمد تلمس من هناك
ذوائب اليمن السعيد
حيث اختلاجات الغروب
على الربى ، لفتات غيد
حيث المزارع ، وانتظار
الجوع حبّات الحصيد
حيث الصراع على السفاسف ، والزّحام على الزهيد
ومضى العبلوج اليه كالأعصار ، كالسّيل الشديد
وبرغمه أدموا إلى
((صنعاء)) بيدا بعد بيد
فتثآبت أبوابها
لزحوف ((أبرهة)) الجديد
***
وهنا انحنى ((نقم)) الصبور
وأذعنت كثبان (0ميدي))
وتهافت الأجداد ، فاتكل
المطيق على القعيد
وتخدّ روا بروائح الموتى
وعهدهم الرغيد
وكما تقلّد أمّ أمّي
لثغة الطفل الوليد
راحوا يعيدون المعاد
عن ((الحسين)) وعن ((يزيد))
عن مهر ((عنترة)) وعن
صمصامة الشيخ الزّبيدي
عن((شهرزاد)) و((باب خيبر)) و((ابن علوان)) لنجيد
وغذاؤهم زجل (( الخفنجي)) واللحوم بكل عيد
ومصيرهم حلم على
أهداب شيطان مريد
وتململوا يوما وفي
نظراتهم كل الوعيد
فمحوا دخان ((الترك))
وارتدّوا إلي الغسق الحميدي
فتخيروا للحكم أوثانا
من الدم والجليد
أهواءهم كمسارب الحيات
في الغار المديد
أو كالمقابر ، يبتلعن
ويستزدن الى المزيد
كانوا عبيد خمولهم
والشعب عبدان العبيد
كانوا يعيرون المدى
شرعية الذبح المبيد
أو يقتلون ويخرجون
يرحمّون على الفقيد
خلف الدخان يمثلون
رواية (( اليمن)) الشهيد
***
اتقول لي ؟ وهل انطقت
في ذلك العهد النجوم ؟
دفن الغبار هواءه
فتجلمدت فيه الغيوم
وتهدج الراوي كما
يستعطف الام الفطيم
واجتّر نبرته ، وقال
وكفن الزمن السّهوم
تمشي الفصول كما يخشخش
في يد الريح الهشيم
أنّى أصخت فلا صدى
ينبي ، ولا يوحي نسيم
الاّ رفات البائدين
تقيّأتهن الجحيم
وعلى امتداد التيه يزعق
وهدهد )) ويصيح ((بوم))
وهناك كانت قرية
تجثو كما ارتكم الرميم
جوعى ويطبخها الهجير
وتحتسي دمها السّموم
نسيت مواسمها فأشتت
قبل أن تلد الكروم
تروي حكايا الثقوب
فيسعل الجوّ الكليم
ووراء تلويح الطلاء
مدينة جرحى تؤوم
تبيض من بعد كما
يتكلف الضحك اللئيم
وعلى الشوارع تنعس الذكرى ، ويصفّر الوجوم
وعلى تجاعيد الرماد
يهينم الثلج البهيم
وتغوّر السّنة العجوز
وتبدأ السنة العقيم
حتى تفجر ليلة
حدث كما قالوا : عظيم
فهوى كما زعموا ((الحرام))
وناح ((زمزم)) و((الحطيم))
***
ماذا جرى ؟ من يخلف المرحوم ؟ من أتقى وأخشى ؟
أو تحسب الجو الكفيف
محى الدجى ، أو صار أعشى ؟
ألقته غاشية الى
أخرى الى أدجى وأغشى
فجنازة ((المنصور)) أمس
غدت ((ليحي)) اليوم عرشا
فأجال سبحته وزاد
على امتداد الغش غشا
واذا بعجل ((الترك)) عاد
على الضحايا العزل وحشا
يردي ويجهر أو يحوك
مكايدا حمرا ورقشا
وعلاه (جوخ) فاختفت
أظفاره وأجاد بطشا
وعمامة كبرى تنوج
رأس طاعون موشّى
وتزينه ، للعاثرين
كما يزين الدفن نعشا
فيشق للشعب القبور
ويستحيل الشعب رفشا
وضحية تروي هوى
جلادها وتموت عطشا
ويجود للكف الذي
يعطيه تمزيقا ونهشا
ويعود يستجدي الرغيف
ويرهق التفتيش نبشا
ماذا يقول ؟ ايرتجي ؟
مولاه ، هل يعطيه قرشا ؟
لا الجوع أنطقه وان
نم الذبول به وأفشا
أتراه لم يحنل فما
فيبوح إطراقا ورعشا
ويحس أذرعه وأرجله
أمام الريح قشا
يهوى وتبلع ما يريد
ضراعة مسخته كبشا
وجه كأقدم درهم
لم يبق فيه المسح نقشا
سنوات ((يحي)) تستقي
دمه ، ويرجوه ويخشى
***
ويدير أسئلة ، ويحذر
همسه ويعي انكساره
ويهم حقد هوانه
فتفر من دمه الجساره
ويمد عينيه كما
ترنوا الى النسور ((فاره))
فتشد نفقته الطبول
اليه أبّهة الحقاره
وغداة يوم أو مضت
من حيث لا يدري إشاره
فأطل نجم من هناك
ومن هنا لمعت شراره
حتى تنهّد ((حزيز))
وتناشد الصمت انفجاره
نبض الهدوء الميت واحمرّت على الثلج الحراره
ماذا ؟ أقمرت النوافذ والسطوح بكل حاره
وتناغمت ((صنعاء)) تسأل جارة ، وتجيب جاره
حرّية ((دستور)) صغناه
وأعلينا شعاره
((سجل مكانك )) وانبرى
التاريخ يحتضن العباره
ةاطل جوّ لم تلد
أمّ الخيالات انتظاره
وهناك أدرك ((شهرزاد))
الصبح ، فارتقبت نهاره
وانثال أسبوع ، تزف
عرائس الفجر اخضراره
وتلاه ثان لحنّت
بشراه أعراق الحجاره
حتى تبدّى ثالث
لمحت ولادته انتحاره
حشد الخريف إزاءه
همجية الريح المثاره
وتلاقت الغلوات حوليه ،
وأشعلت الأغاره
ماذا جرى يا ((شهرزاد)) ؟
تضاحكي ، يا للمراره !
عشرون يوما ، وانثنى
الماضي ، فردينا الأغاره
***
من ذا أطلّ ؟ وأجهش الميدان : ((أحمد)) و (الوشاح)
أسطورة الأشباح دق ، طبوله ساح ، وساح
يسطو ، فتعتصر الربى
يده ، ويسبقه الصّباح
ويزف أعراس الفتوح
الى مقاصره السفاح
((عوج ابن عنق )) شق أنف الشمس منكبه الوقاح
الجنّ بعض جنوده
والدّهر في يده سلاح
أو هكذا نبح الدعاة
وعمّم الفزع النباح
فاحمرّ من وهج المذابح
في ملامحه ارتياح
واغبّر بالذبح المسير
وماد بالجثث الرّواح
وسرى ، وعاد ((السندباد))
ودربه الدم ، والنّواح
خمس من السنوات لا
ليل لهن ولا صباح
يبست على السهد العيون
وأقعد الزمن الكساح
((ناشدتك الإحساس يا أقلام ))
واختنق الصّداح
لم ينبض الوادي ولم
ينست لعصفور جناح
فتنام التاريخ والتأمت على الجمر الجراح
لكن وراء السّطح أسئلة ، يجدّ بها المزاح
أو ينطوي صوت النبي
وتدّعى فمه ((سجاح))
فدوى ((الزبيري)) الشريد
وأفشت الوعد الرياح
وتناقل الجوّ الصّدى
فزقى التهامس والطماح
ماذا تقول الريح ؟ فالغابات تومىء والبطاح
ويحدق الراعي فتخبره
مراتعه الفساح
ستكل يوما ((شهرزاد))
ويسكت السّمر المباح
***
فاذا ((الثلايا)) والبطولة
يركلان شموخ ((صاله))
فتضاءل ((الفيل)) المخدر
وارتدى جلد ((الثعاله))
وكموعد الرؤيا أراح
الجنّ ، واطرّح الجلالة
وانحط تاج ، وارتقى
تاج ، عمودا من عماله
ماذا يرى ((صبر)) ؟ وغاصت ، خلف جفنيه الدلاله
وكما تميد على شحوب السجن أروقة الملاله
مضت الليالي الخمس ، أجهل بالمصير من الجهاله
فتحسس الفيل المهيض ،
قواه ، وابتدر العجاله
وعلا الجواد ، وموّج الصمصام ، واكتسح الضّحاله
والشارع المشلول يزمر ، للبطولة
والسّفاله
وكما انتهى الشوط ايتدى
يذكى الدّم الغالي مجاله
فيمد عفريت الدخان
على أشعته ، ظلاله
ويخاف أن يلد ((الثلايا))
قبره ، ويرى احتماله
فتعسكر الاشباح في
أهداب عينيه خياله
من ذا ؟ ويتهم الصدى
وتدين يمناه شماله
فانهار ((شمشون)) وناه برأسه ، ووعى انحلاله
واستنزف الفلك المعطل
عن جناحيه البطاله
وانساق يغزل كل حين
كوكبا ، ويديرها له
ويشب نجما ، لم يعد
من نبضه الا ثماله
وهنا تلفّت موعد
في أعين القمم المشاله
وتدافع الزمن الكسيح
على جناح من علاله
وانثال كالريح العجول
يلوّن الفلك اشتعاله
وتساءلت عيناه ، من ذا
ها هنا ؟ فرأى حياله
إشراقة (( العلفى)) إطراق
((اللقية)) وانفعاله
فرمى على زنديهما الجلّى
واعباه الرساله
***
والى العشي تعاقدا
واستبطأا سير الثواني
ألسّاعة المكسال مثل الشعب ، تجهل ما تعاني
أيكون مستشفى ((الحديدة))
مولد الفجر اليماني
وعلى امتداد اليوم ضمهما
التفرق والتداني
يتفرقان من الشكوك
وللمنى ، يتلاقيان
يتخوفان فيحجمان
ويذكران فيهزأن
هل بحت بالسّر المخيف
الى فلان أو فلان ؟
اني أحاذر من رأيت
على الطريق ومن يراني
كم طال عمر اليوم ، لم
لا يختفي قبل الأوان ؟
حتى ارتمى الشفق الغريب
على سرير الدخان
وكأن هدبي مقلتيه
شاطئان معلّقان
نظرا إليه ، يفتشان
عن الصباح ويسألان
وكما أشار ((الهندوانه))
أبديا بعض التواني
ومشى الثلاثة شارعين
من المشانق والأماني
ودعى النّفير ، فسار ((أحمد))
سير متهّم مدان
يرنو ، أيلمح حمرة ؟
كلا ، وتلمع نجمتان
فيمور داخل شخصه
شخص غريب الوجه ثاني
ويعي ضمان منجّميه
فيستريح الى الضّمان
ودنا فماج الباب وانهال
السّكون على المكان
من أين نبغته ؟ ويمّم
فجأة ، قسم الغواني
فتنادت الطّلقات فيه
كالزغاريد القوافي
وانهدّ قهّار البنادق
كالجدار الأرجواني
أترى حصاد القبر يرجع
كالرّضيع بلا لبان
وعلى يقين الدفن رد
بنبضتين من البنان
فتطلعت من كل أفق
تسأل الشهب الرواني
كيف انطفا الشهب (الثلاثة)
في ربيع العنفوان
وتراجع ((الباهوت) يحرق
بالمواجع وهو فاني
يحيى ولا يحيى يموت
ولا يموت بكل آن
فتبرجت مأساة ((واق الواق))
تغدق كالجنان
وتجول تظفر من ذوائبها
غروبا من أغاني
وتهز نهديها اعتلاجات
المحبة والحنان
فاخضر عام بالمواعد
واحتمالات العيان
وأهل عام عسجدي اللمح
صخريّ اللسان
فرمى الى حلق التراب
بقية البطل الجبان
وهنا ابتدى فصل تروّى
فيه ابداع الزمان
ماذا هنا ؟ ((سبتمبر))
اشواق آلاف الليالي
حرق العصافير الجياع
الى البيادر والغلال
بثّ المسامر والرؤى العطشى وأخيلة الخيال
خفق النوافذ وارتجافات
الرياح على التلال
وتطلّع الوادي وأسئلة
النجوم إلى الجبال
وتلهّف الكأس الطريح
الى انهدالات الدوالي
كان احتراقات الإجابة
وابتهالات السؤال
وتلفّت الآتي ، الى
آثار أقدام الأوالي
عشرين عاما قلبّا
حلبت به أمّ النضال
نسجته من شفق المقاصل والجراحات الغوالي
حتى أطل على عقاب من أساطير المحال
في كل ريشة جانح
منه ((أبو زيد الهلالي))
في النفخة الأولى رمى
بالعرش أغوار الزوال
وأمال زوبعة الرمال
الى سراديب الرمال
يعطي المواسم والمحبة
باليمين وبالشمال
أنى مشى ، أجنى ((الوليد))
من المنى وأجدّ بالي
موج سماوي النضارة
شاطئاه من اللآلي
ماذا هنا ! ((سبتمبر))
أتقول لي ، أجلى المجالي
شيء وراء تصور الدنيا وأبعاد الجمال
فوق احتمالات الرجاء
وفوق اخصاب النوال
أتقول لي ؟ وهل انتهى
في جثة الأمس النزوع ؟
شاء الرجوع وسلّحته البيد ،فانتحر الرجوع
وزوته حفرته وأطبق فوق مرقده الهجوع
وعلا الدخان أزقة البترول ، فانتبه الصريع
واهتاج ثانية فمد
زنوده (( النيل)) الضليع
وأحاطت الخضراء من
أقوى سواعده دروع
وارتد ظل الأمس والتحم التوقع والوقوع
فتنادت النيران والتفت المصارع والجموع
وانجرّ عامان نجومهما وشمسهما النجيع
فبكل رابية إلى
لحم ابنها ظمأ وجوع
وبكل منعرج إلى
تمزيق اخوته ولوع
فهنالك انقصفت يدان
وثمة انتثرت ضلوع
وهناك خرّت فمه
وهنا هوى تلّ منبع
فلكل شبر من دم الشهداء ، تاريخ يضوع
أرأيت حيث تساقطوا
كيف ازدهى النصر المريع
حيث اغتلى الوادي ولف
((عليا)) الصمت الجزوع
رضع الدجى دمه فأشمس
قبل أن يعد الطلوع
حيث التي (( الخمري)) ذا
بالغيم واحترق الصقيع
حيث انطفى ((سند)) تدلت أنجم ، وعلت شموع
حيث ارتمى (( الكبسي )) أ و
رق منجم ، وشدى ربيع
وأعادت الأحداث
سيرتها فأرعدت الربوع
وتعطش الميدان فانفجر الضحى ودوى الهزيع
ومشت على دمها الذئاب وغاض في دمه القطيع
حتى توارى الأمس
زغردت المآتم والدموع
وهفت أغانيها ، تضجّ
((ليسلم الشرف الرفيع))
وتبوح للنصر انطلق
فمجالك الأبد اللموع
ولمرضعي ((سبتمبر))
دمهم ، لقد شب الرضيع
***
اتظن رابية تنوق
الى دم أغلى يسيل ؟
أو ما ارتوي عطش الرمال واتخم العدم الأكول ؟
يا للأسى ، كيف استطب
مماته ((اليمن )) العيل
ورنى السؤال الى السؤال وبغتة وجم السؤول
ماذا استجد فباحت الأصداه ،
وارتجف الذهول
لبّى الدّم الغالي دم
أغلى الى الداعي عجول
من مات ؟ واستحيا السؤال وأطرق الرد الخجول
أهنا ((الزبيري)) المضرّج ؟
بل هنا شعب قتيل
وأعادت القمم الحكاية
واستعادتها السهول
من ذا انطوى ؟ علم
خيوط نسيجه الألم البتول
في كل خفق منه ((جبريل))
وفي فمه رسول
بدأ الرعيل به السرى
فكبا وسار به رعيل
وخبا وراء حنينه
جيل ، واشرق فيه جيل
وعلى الحراب أتم أشواطا ، مداها المستحيل
وعلى منى ميلاده الثاني تكاتفت الفلول
لفظ البلى غربان ((واق الواق)) وانثنت (( المغول))
فاحتز رحلته الرصاص النذل والطين العميل
فغفى وصدق الفجر في
نظراته سحر بليل
أتقول عاجله الافول ؟
فكيف أشعله الافول ؟
فعلى الجبال من اسمه
شعل مجنّحة تجول
وصدى تعنقده الربى
وهوى تسنبله الحقول
وبكل مرمى ناظر
من لمحة صحو غسيل
كيف انتهى ولخطوه
في كل ثانيه هديل
هو في النهار الذكريات
وفي الدجى الحلم الكحيل
وهنا ضحى من جرحه
وهناك من دمه أصيل
غرب الشهيد وبينه
والمنتهى الموعود ((ميل))
من ذا يكر الى مداه ؟
وقد خلا منه السبيل
فليبتهج دمه الى
أبعاد غايته وصول
أو ما رأى الشهداء كيف ؟
اخضوضرت بهم الفصول
فرشوا ((السعيدة )) بالربيع
ليهنأ الصيف البذول
ومضوا لوجهتهم ويبقى الخصب ان مضت السيول