قتيلان .. هما القاتل - عبدالله البردوني

يَا بِنَ «المُتَوَكِّلْ» يَا «حَجْرِيّ»
هَلْ غَيْرُكُمَا أَحَدٌ يَدْرِيْ؟

مَنْ أَرْخَىْ حَوْلَ مَكَانكُمَا
أَسْتَارَاً كَالسُّوْرِ الصَّخْرِيْ؟

وَضَبَابَاً يمْرِيْ أَعْيِنَهُ
مَنْ يَسْتَبْكِيْ، مَاذَا يَمْرِيْ؟

هَلْ شَمَّتْ نَافِذَةٌ شَبَحَاً
يُقْرِيْ خَبَرَاً، أَوْ يَسْتَقْرِيْ؟

مَا افْتَرَّتْ ثَانِيَةٌ حَتَّىْ
قَالَتْ أُخْرَىْ : لاَ تَفْتَرِّيْ

** *

هَلْ جَارُكُمَا الأَعْلَىْ دَارَاً
مِنْ أَهْلِ المِفْتَاحِ السِّحْرِيْ؟

فَاسْتَغْشَىْ الْغُرْفَةَ قَبْلَكُمَا
وَتَلاَشَىْ كَالزَّبَدِ الخَمْرِيْ

***

يَا أَخَوَي مَحْبَرَةٍ مَنْ ذَا
نَادَاهَا : انْحَطِمِيْ وَاغْبَرِّيْ؟

فِحِّيْ يَا لَحْظَةُ وَانْفَجِرِيْ
صَخَبَاً مُحْمَرَّاً وَاصْفَرِّيْ

***

يَا «عَبْدَالرَّحْمَن» اتَّهَمُوْا
دَعْوَاكَ وَمَا قَبِلُوْا عُذْرِيْ

قَالُوْا : أَغَضيْنَا عَنْ «يِحْيَىْ»
مَا بَلَّغْنَاهُمْ عَنْ «شُكْرِيْ»

هَلْ ذَا أَوْ ذَاكَ لَهُ خَطَرٌ؟
إسْتَجْلَىْ مَكْرَهُمَا «صَبْرِيْ»

أَيْنَعْنَا، قَالَتْ سُفْرَتُنَا
أَرِنِيْ يَا بَرْقُ سَنَىْ جَمْرِيْ

عَجِّلْ يَا «خَالِدُ» مَقْتَلنَا
- بَلْ صَوِّبْ أَنْتَ عَلَىْ صَدْرِيْ

وَعَلَىْ جُمْجُمَتِيْ رَابِعَةً
أَمْحُو عَارَاً يُدْعَىْ «نَصْرِيْ»

الْيَوْمَ الْقَتْلُ مُدَاعَبَةٌ
وَحُرُوْبُ الأَهْلِ جَوَىً شِعْرِيْ

***

قُوْلاَ : مَنْ ذَا قَالَ اقْتَتَلا؟
وَعَلَىْ هَذَا، أَبْنِيْ أَمْرِيْ

مَنْ كَانَ الثَّالِثُ بَيْنَكُمَا
... مَا أَغْمَضَهُ الْقَتْلَُ السِّرِّيْ

وَيُقَالُ : دَوَافِعُهُ الأَعْصَىَ
بِوُلُوْجِ دَخَائِلِهِ تُغْرِي

قَالُوْا : يَعْتُو كـ «أَبِيْ لَهَبٍ»
وَيُصَلِّيْ كَـ «الحَسَنَ الْبَصْرِيْ»

***

حَرْبَاوِيُّ المَرْأَىْ يَبْدُو
صُعْلُوْكَاً، وَهَّابَاً مَثْرِيْ

تَحْدُو «هِنْدٌ» فِيْهِ «أُحُدَاً»
يَتْلُو «الرَّحْمَنَ» فَتَىً «بَدْرِيْ»

بَيْنَ المَوْتَىْ ويَدُوْرُ وَلاَ...
يَدْرِيْ، مَنْ ذَا فيْهِ يَسْرِيْ

***

أَتَعِبْتَ قَلِيْلاً؟ أَنْسَانِيْ
قَصْفُ الأَعْمَارِ أَسَىَ عُمْرِيْ

أَتَكُفُّ غَدَاً؟ مَنْ يُدْرِيْنِيْ
مَاذَا سَأَبِيْعُ وَمَا أَشْرِيْ

يَنْقَضُّ كَصَاعِقَةٍ، وَعَلَىْ
فَمِهِ وَأَنَامِلِهِ يَجْرِيْ

***

أَرْدَيْتُ الْيَوْمَ ثَمَانِيَةً
غَرِّيْ يَا رِيْحُ بِهِمْ فِرِّيْ

أَأَقُوُلُ : أَنَا أفْدِيْ وَطَنِيْ
وَنُعُوْشُ بَنِيْهِ عَلَىْ ظَهْرِيْ

وَبِرَغْمِيْ أَطْهُو كُلَّ ضُحَىً
تَقْرِيْرَاً للْمِسْتَرِ «هِنْرِيْ»

***

الْقَتْلُ الْغَدَئِيْ مُخْتَلِفٌ
عَنْهُ، لَيْلِيَّاً أَوْ فَجْرِيْ

لاَ يُدْعَىْ ذَاكَ وَلاَ هَذَا
بَلْ يُدْعَىْ أَزْرَىْ مِنْ مُزْرِيْ

***

يَعْدُو أَشْكَالاً أَلْوَانَاً
جَوِّيَّاً بَرِّيَّاً بَحْرِيْ

كَلِسَانٍ مِنْ رأْسِ الأَفْعَىْ
نَصْلاً يَاقُوْتِيَّاً تِبْرِيْ

***

يَسْطُو وَالحَارَةُ سَاهِيَةٌ
يُرْدِيْ سِرِّيَّاً أَوْ جَهْرِيْ

يَرْمِيْ خَلْفَاً يَرْمِيْ قُدُمَاً
وَيَمِيْنَاً وَيِسَارَاً يُغْرِيْ

وَيُنَادِيْ صَوْلَتَهُ اشْتَعِلِيْ
فِرِّيْ يَا «صَنْعَا» أَوْ كِرِّيْ

***

هَلْ قَتَلَ الْيَوْمَ ابْنُ المَاضِيْ؟
لاَ أَدْرِيْ أَيُّهُمَا عَصْرِيْ

قَتْلَىْ تَمْضِيْ، وَتَلِيْ قَتْلَىْ...
أَأَنَا أَشْبَاحِيٌّ دَهْرِيْ؟

***

مَنْ حَمَّلَنِيْ جُثَثَاً تُوْمِيْ
: هَذَا أَوْ ذَاكَ، وَذَا قَبْرِيْ

مَنْ ذَا يُدْنِيَنِيْ مِنْ أَجَلٍ
ثَانٍ يَقْبُرُنِيْ فِيْ نَحْرِيْ

***

أَلأَنِّيْ مَأْجُوْرٌ أَضْحَىْ
قَتْلِيْ بِدَمِ الْقَتْلَىْ أَجْرِيْ

أَلأَمَّارِيْ مَا أُحْذِقُهُ؟
وَعَلَىْ كَتِفِيْ وَحْدِيْ وِزْرِيْ