مدرسة الحياة - عبدالله البردوني
ماذا يريد المرء ما يشفيه
يحسو روا الدنيا و لا يرويه
و يسير في نور الحياة و قلبه
ينساب بين ضلالة و التيه
و المرء لا تشقيه إلاّ نفسه
حاشى الحياة بأنّها تشقيه
ما أجهل الإنسان يضني بعضه
بعضا و يشكو كلّ ما يضنيه
و يظنّ أن عدوّه في غيره
و عدوّه يمسي و يضحي فيه
غرّ و يدمي قلبه من قلبه
و يقول : إن غرامه يدميه
غرّ و كم يسعى ليروي قلبه
بهنا الحياة و سعيه يظميه
يرمي به الحزن المرير إلى الهنا
حتّى يعود هناؤه يرزيه
و لكم يسيء المرء ما قد سرّه
قبلا و يضحكه الذي يبكيه
ما أبلغ الدنيا و أبلغ درسها
و أجلّها و أجلّ ما تلقيه
و من الحياة مدارس و ملاعب
أيّ الفنون يريد أن تحويه
بعض النفوس من الأنام بهائم
لبست جلود الناس للتمويه
كم آدمي لا يعدّ من الورى
إلاّ بشكل الجسم و التشبيه
يصبو فيحتسب الحياة صبيّة
و شعوره الطفل الذي يصبيه
***
قم يا صريع الوهم واسأل بالنهى
ما قيمة الإنسان ما يعليه
واسمع تحدّثك الحياة فإنّها
أستاذة التأديب و التّفقيه
وانصب فمدرسة الحياة بليغة
تملي الدروس و جلّ ما تمليه
سلها و إن صمتت فصمت جلالها
أجلى من التصريح و التنويه