عَاصِمَــةُ العَزَاء - عبدالله عبدالوهاب نعمان

في وداع الرئيس إبراهيم الحمدي
***
نَهَاكِ الْكِبْرِيَاءُ عَنِ الْبُكَاءِ
فَكُّفِيْ الْدَّمْعَ عَاصِمَةُ العزاءِ
عَهَدْتُكِ وَالْجِرَاحَ عَلَيْكِ تُتْرَىْ
وَحُزْنَكِ فِيْكِ حُزْنَ الأَقْوِيَاءِ
وَفِيْكِ رَأَيْتُ أَشْلاَءَ الْضَّحَايَا
تُعَاظِمُ فِيْكِ إِصْرَارَ الإِبَاءِ
فَمَا رَعَشَ الْرُّجُوْلَةَ فِيْكِ ذُعْرٌ
وَلاَ أَخْزَتْكِ وَلْوَلَةُ الْنِّسَاءِ
وَلاَاسْطَاعَتْ وُحُوْلُ الإِثْمِ يَوْمَاً
تُلَوِّثُ فِيْكِ إِشْرَاقَ الْسَّمَاءِ
مَتَىْ شَفَعَ الْوَقَارُ لَنَا وأَرخَىْ
سُعَارَ الْمُحْنِقِيْنَ عَنِ الْرِّمَاءِ
لَكَمْ أَقْبَلْتِ فِيْ شَرَفِ الْنَّوَايَا
عَلَىْ عَكِرٍ يَغَارُ مِنَ الْنَّقَاءِ
فَجَاءَكِ مِنْهُ مَايُؤْذِيْ وَيُقْذِيْ
وَبَادَلَكِ الْسَّلاَمَةَ بِالْوَبَاءِ
إِذَا اسْتَشْرَىْ الْحَرِيْقُ بِنَا حَسِبْنَا
مُهَادَنَة الْحَرِيْقِ مِنَ الْذَّكَاءِ
حَيَاتُكِ لَنْ تُسَامِحَهَا حَيَاةٌ
مُشَوَّهَةٌ بِعَاهَاتِ الْشَّقَاءِ
فَلَمْ أَرَ أَحَدَبَاً قَدْ طَابَ نَفْسَاً
وَجَانَبَ مَقْتَهُ لِلأَسْوِيَاءِ
يَرَىْ فِيْ الإِسْتِوَاءَ لَهُ افْتِضَاحَاً
وَإِنْ بَذَلَ الْكَثِيْرَ مِنَ اْلِّرَياءِ
وَيَاوَطَنِيْ وَجَرْحُكَ فِيْكَ يَمْشِيْ
مُشِعَّاً فَوْقَ تَارِيْخِ الْعَطَاءِ
أَتَاكَ يَفِيْضُ حُمْرَتهُ كِسَاءً
عَلَىْ عَطْفَيْكَ بُوْرِكَ مِنْ كِسَاءِ
وَيَنْزَفُ مِنْكَ مُبْتَسِمَاً زَهِيَّاً
بِزَحْفِكَ فِيْكَ مَنْصُوْرُ الْلِّوَاءِ
أَتَيْتُكَ مُظْمِئَاً جَفْنِيْ وَعَيْنِيْ
وَلَمْ أَفْضَحْ جَلاَلَكَ بِالْبُكَاءِ
وَجِئْتُكَ فَاخِرَاً جَذِلاً لأَنِّيْ
أُذِلُّكَ لَوْ أَتَيْتُكَ بِالْرَّثَاءِ
وَلَمْ أَهْجُ الأُلَىْ هَانُوْا وَخَانُوْا
وَنَزَّهْتُ الْجِرَاحَ عَنِ الْبُذَآءِ
وَمَنْ يَلَقَىْ الْدَّنَاَءةَ مِنْ صِغَارٍ
كَبِيْرَاً فِيْ الْعُقُوْبَةِ وَالْجَزَاءِ
كَمَنْ يَأتِيْ بِجَحْفَلِةِ مُغِيْرَاً
عَلَىْ نَفَقٍ مَلِيْءٌ بِالْجِرَاءِ
ثَرِيْتَ مِنَ الْرِّجَالِ فَمَا تُبَالِيْ
سَخَاءٌ بِالْنُّفُوْسِ وَبِالْدِّمَاءِ
وَمَاثَمَنُ الْدِّمَاءِ أَوَتْ نُفُوَسًا
فَرَغْنَ مِنَ الْحَمِيَّةِ وَالْسَّخَاءِ
إِذَا اسْتَوْعَىْ الْفُؤَادُ دَمَاً مَهِيْنَاً
يَعِيْشُ بِهِ فَقُبِّحَ مِنْ وُعَاءِ
سَأَحَمَدُ فِيْكَ فِتْيَانَاً إِلَيْهُمْ
مَشَىْ قَلَمِيْ لِيُلْبِسَهُمْ ثَنَائِيْ
إِذَا أَتَتِ الْخُطُوْبُ إِلَيْكَ قَامُوْا
ثِقَالاً لَمْ يَخِفُّوْا كَالْهَبَاءِ
فَمَا هَزَمَ الْجُنُوْنُ لَهُمْ حُلُوْمَاً
وَلاَ اهْتَزُّوْا لِعَاصِفَةِ الْبَلاَءِ
مَتَىْ رَبَضَتْ بِمَأسَدَتِيْ أُسُوْدٌ
أَذَلَّ زَئِيْرَهَا صَوْتُ الْثُّغَاءِ ؟
وَأَوْهَنَ مِنْ بَرَاثِنِهَا وَأَوْهَىْ
قَوِيَ ضُلُوْعِهَا نَطْحُ الْجِدَاءِ ؟
حَسِبْتُ الْصَّفَ هَدَّتْهُ الْدَّنَايَا
وَأَفْلَحَ فِيْهِ لُؤْمُ الأَدْنِيَاءِ
فَبَاكَرَنِيْ الٌصُّمُوْدُ بِهِ مَتَيْنَاً
قَرِيْرَ الْصَّخْرِ مَشْدُوْدَ الْبِنَاءِ
وَلاَحَتْ لِيْ الْوُجُوْهُ بِهِ عَلَيْهَا
سِمَاتَ الْغَاضِبِيْنَ الأَتْقِيَاءِ
فَلاَ وَهَجُ الْحَمِيَّةِ غَاضَ فِيْهَا
وَلاَ مَاءُ الْمُرَوْءَةِ وَالٌحَيَاءِ
بِهَا شَرَفُ الْفِدَاءِ بَدَا سَخِيَّاً
يُهَوِّّنُ مِنْ تَكَالِيْفِ الْفِدَاءِ
أَرَىْ أَخْلاَقَنَا جَرَّتْ عَلَيْنَا
كَرَامَتُهَا ضَرَاوَاتَ الْعِدَاءِ
تُخَاصِمُنَا الْمَبَاغِيْ لاَتُلاَقِيْ
عَلَىْ أَعْرَاضِنَا دَنَسَ الْبَغَاءِ
وَيَمْقَتُنَا الْظَلاَمُ يَرَىْ عَلَيْنَا
نَقَاءَ الْفَجْرِ أَوْ َوَهَج الْضِّيَاءِ
وَيَرَفُضُنَا الْعُقُوْقُ لأَنَّ فِيْنَا
ِلأُمَّتِنَا الْتَّزَمُتُ فِيْ الْوَلاَءِ
إِذَا الْمَرْءُ الْسَّوِيُّ أَتَىْ سَوِيَّاً
تَنَاءَتْ عَنْهُ رُوْحُ الإِلْتِوَاءِ
وَسَارَ عَلَىْ الْحَيَاةِ فِإِنْ تَرَاءَتْ بِهَا الأَوْحَالُ حَلَّقَ فِيْ الْفَضَاءِ
أَطَالَ الْحِقْدُ نِقْمَتَهُ عَلَيْنَا
وَضَاقَ بِنَا شَقَاءُ الأَشْقِيَاءِ
وَأَمْحَنَّا الْفُجُوْرُ فَمَايُلاَقِيْ
سُنُوْحَاً لِلْمَنَامِ عَلَىْ وِطَاءِ
عَلَىْ أَرْضٍ بِهَا الْتَّارِيْخُ أَثْرَىْ
بِمَا فِيْ الْخَيْرِ مِنْ مَعْنَىْ الْثَّرَاءِ
وَعَانَقَتِ الْهُدَىْ شَغَفَاً وَقَرَّتْ
بِطَاعَتِهَا عُيُوْنُ الأَنْبِيَاءِ
تُوَاجِهُنَا وُجُوْهٌ جِئْنَ فِيْهَا
كَعَوْرَاتٍ سَرَحْنَ بِلاَغِطَاءِ
إِذَا الْعَوْرَاتُ لَمْ تَقْبَلْ رِدَاءً
وَضَاجَعَتِ الْفَوَاحِشَ فِيْ الْعَرَاءِ
فَمَا لِلْعَارِ مِنْهَا فَوْقَ طُهْرِيْ
يِجِيْءُ حَرِيْقَةً وَعَلَىْ رِدَائِيْ
مَزَايَا الْشَّيْءِ تَأتِيْ فِيْهِ خَلْقَاً
لِتَصْحَبَ عُمْرَهُ عَبْرَ الْبَقَاءِ
فَلاَتَلِدُ الْعُفُوْنَةَ رُوْحُ ضَوْءٍ
وَلاَتُلْقِيْ الْنَّظَافَةَ فِيْ غُثَاءِ
وَرُوْحُ الْرِّجْسِ تَبُثُّ فِيْهِ رِجْسَاً
وَلَوْ غُسِلَتْ بِوَحْيٍ فِيْ حِرَاءِ
وَيَكْفِيْ مَابِهَا قَذَرَاً وَسُوَءً
ِلأَلْفِ سَحَابَةٍ وَِلأَلْفِ مَاءِ