معـراج العــاشقين - سالم المساهلي

هل تقتفيكَ مدارجُ الكلمـــاتِ
يا ساكن الوجدان والنّبضـات ؟
تتأجج الأشواق بين جوانِحي
والقلبُ يَجهَد مُربَك الخفقـــات
أشكو إلى الأسحار لفْح مشاعري
وأذوب بين مفاِصل النّفثـــــــات
أحْييتُ ليلي واقتنصتُ ظـــــلالَه
للبوح والتّسهيد والآهــــــــــات
مالي أُطاردُ مشبَعًا بحرائــــقي
طيفا من الأحلام في الغفـَـوات ؟
هل لي بشرح وهيج قلب قانِت
متبتِّل في غيهب الصــــلوات؟
إنّي أُحبّ ولن أبــــــوح بسرّه
ذاك الذي يعلو على النّظـرات
سيظلُّ يفتنني وأجبُن دونـــَــه
ويظل عند الناس في النكِـرات
ما أروع الأسماء حين نضمُّها
وسط الفؤاد ودافئ الجنَبــــات
ونشفُّ مثل قصيدةٍ عــــذرية
تتوسّل التلميحَ بالهمســــــات
إني شِرقت بلهفتي مُتحـــــرِّقا
ولثمتُ وجه الله بالدعـــوات
ومن الشجاعة أن تبوحَ بدمعة
ومن الشفاء تدفُّق العَبــــَرات
قد يذرفُ الولهان قََطْرشجونه
عِقدا على الخدَّين كالجمرات
أو يستلذّ الصمتَ حين فُجاءة
ويفيضُ بركانا من البَسمـــات
وتراه من فرحٍ يُحاورُ غيمــــــــة
ويُناوش الأطيار والزهـــــــرات
عجبٌ هو الحبّ الذي انبجست به
الأكوان في حُللٍ وفي نغمــــات
****
دع عنكَ وصف الحبّ فهو لطافة
ورهافة تسمو على الخطَــرات
ولعلّه الإلهــــــــــــــامُ أو هو فوقَه
أوأنّه قبسٌ من البـــــــــركات
فهو اشتعال الشك في قلب الظّمِي
ويقينُه في حالِك الظّلمــــــات
وهو اعتدالُ الوردِ يهفو للنـّـــدى
عبِقا ويلثَم عابرَ النّسمـــــــات
وهو اكتمالُ البدرِ يومئُ هامســا
للأرض في فيض من الومضات
كم من فؤاد ذاق عذْب عذابــــه
كم من شعور ذاب في الورقات
فُزْ باغتنام الصّمت دون لَجاجة
في حضرة العشاق والسبَحات
أقصى اجتهادي أن أقول مشبِّها
لكنه التشبيه بالشبـُـــــــــــهات
رقّّت معانيه ودق كأنــــــــــــما
يوحَى بلا رسلٍ ولا آيــــــــات
شُعبُ الهوى عِرفانها لا ينتهي
ترقى بها الآمال في الدرجـات
ومن الجُسوم إلى الفُهوم مسافةٌ
تمتدُّ بين الذات والــــــــــلّذاّت
في أنفُس العشــاق منها حيْرةٌ
تستنفدُ الأعمار في السّفــرات
شرب امرؤ القيس الرُّضابَ سُلافةً
وتعشّق المحبوبَ بالسكــرات
واستنزف "المجنونُ" روحَه شاكيا
"ليلى" وهجرا مُحكَم القبضــات
في جُبّة "الحلاج" كون عامــــــــر
وعصـــــائر الآلام كالنّفـــحـات
يا أيها الحبّ الكبــــــــيرُ تحـيــــةً
من مغرَم قلِق الجوى وشتات
ما بين أُمنية تـــذوب وغفـــــوة
تقضي العروبة عابِر الشّطحات
لهَفي على العربيّ كيف تبعثرت
أشواقه في طائش النـــّــزوات
فكأنما عبث الوجود بقـــــــدْره
وارتد ّللأوثــــان والدركــــات
هِممٌ تداعت واستبدَّ بها السُّدى
وتفرقت في شارد النّــــــــفرات
ما أكثر الباكـــــين غدرَ زمانهم
ما أكثر السّاهين في الطرقــــات
ما بالُنا نَلقىَ الحياةَ كــــــراهةً
ونعود بالأشجان والحســـــرات
ونعاهد التــّـــاريخ يوم وقيعة
ونسلِّم الأحباب في الجبــهات؟
هل دارت الأيــــامُ دورتها بنا
وتناثر الفرسان في العثـــرات؟
هل ينتهي العشاقُ دون لقائهم
ووعودهم ومشاعلِ الحفلات؟
لا، لن يغيب الوصــلُ عن ميعاده
لن يُسلمَ الفُرســــانُ للكـــبوات
وسترجع الأيـّـــام ملء شبابها
وستُزهر الآمالُ في الشـــرفات
فأنا الرسول ، أنا الرسولُ محمّلٌ
بالبشْر والتمكين والرايــــــات.