الهجير - سالم المساهلي

قفا نسأل التاريخَ عَدلا وقاضـــيا
إذا ما الهوى يبلى متى كان ماضيــا ؟
وهل يُطفئُ الهجرُ المليُّ لواعجـا
يَفيضُ بها الولهانُ صَبّا وصاديا ؟
تموجُ بنا الأشــواقُ حرّى حبيسة ً
تهُمُّ وتهفـو ثمّ تُبدي التراخـــــــيا
فهذا نشيدي مُفعَمٌ بشجـــــــــونه
أُغنّي فأبكي لستُ أعلمُ ما ِبـــــيا
تمرّ بنا الأيامُ كسلى ضنيـــــــنة ً
ونحن حيارى نستطيبُ التوانــيا
فكيف توارى ذلك العشقُ كلـــــُّه
وكيف تداعى ذلك الصّرحُ ثاويا ؟
****
أ ُسائل تاريخا شغلناه همّــــــــــة
لم ارتدّت الدّنيا علينا مراثــــيا ؟
لم انفضّ حلمُ الفاتحين وغــادرت
بيارقُ شمس صانت الحقّ عاليا ؟
حببتُ بلادي ثمّ إني وصفتُــــــها
فجاء كلامي موجعَ اللفظِ هاجـيا
أعيدوا بلادي حُــــرة ًعربيــــــة ً
تؤلفُ أشــواقا وتدفعُ باغــــــــيا
أما تستحي الأيامُ وهي تسوقــُــنا
سبايا وأسرى نستقلّ المنافــــــيا ؟
أما تستحي تسقي الكرامَ كآبـــة ً
ويعبَث فيها المُفرَغون ضواريا ؟
عتبتُ على الأيام وهي بريئـــــة ٌ
ومن عاتب الأيام ضلّ المساعيا
عتبتُ وفي بعض العتاب مظلــة ٌ
يلوذ بها العجزُ الصريحُ تَـواِريا
وأجدرُنا باللوم نفسٌ تشــــــرّدت
تُبعثرها الأرياح سودا عواتـــيا
تهيب بها الآفاقُ وهي كسيـــــرةٌ
فلا هي تقوى أن تُجيبَ المناديا
فكيف أصوغ الحلمَ أخضرَ يانعا
وذي أمةٌ ، باتت ترى الموتَ شافيا ؟
****
ألا أيها التاريخ سجّل فإنـــــــــنا
نسخنا المغاني واحتملنا المخازيا
وصرنا، وهذا الصمتُ أصبح حكمةً
وهذي جموعٌ تستحيل مَواشــــيا
نُخاتل وهمَ العيش حرصا ورهبـة ً
ونقضي سنين العمر بُكماً سواهيا
ومُنتصبو القاماتِ يَلقَون غيـــلة
عدوّا ومكاّرا ونذلا وواشــــــــيا
فهل يَسلم الحُرّ الكريمُ من الأذى
إذا لم يكن جَلدا وصَلبا وقاســيا ؟
****
يقولون ليلى بالعراق سبيّـــــــــة ً
يُراودها المخصيُّ يبغي التباهيا
فلو كان يخشى صولة ً نبوية ً
لأحجمَ مكسورَ المطامع راسيا
ألا ليتني كنتُ التـــــــرابَ بحلقِه
ويا ليتني كنت الغريم المواتـــيا
ويا ليتني لا ليتَ تعمُرُ مُهجــــتي
وكنت مع الخلان زندا وآســـيا
أفي غيهب السّطو المُسلح مطمعٌ
يعود به اللصّ الغريبُ مُصافيا؟
يُشاطرني بيتي وينهَب مطعمي
ويهتك عرضي ثم يصرُخ باكيا
وينصِب لي زورًا مِنصّةََ ََحاكِم
أُساقُ لها رغما وينطق شاكـــيا
فيا عجبا كم يدّعي العدلَ ظالـــمٌ
وواأسفاً كم يَركَنُ الحقّ ُ راضيا
****
كذا صاغت الأقدارُ غولا مُعربدا
يجوس خِلال الأرض خصما وراعيا
يُحاكَمَ ربُّ الدار في أهل بيتـــــه
ويُصلبُ فيها مُوثَق القيد عــــــــاريا
فتصرخ أحناء الجدار مـــــرارة ً
وتصخَب أطيارُ السماء عوالـــــــيا
ويهدر قلبُ الأرض أنْ ذاك منكرٌ
وتهطل عينُ السحب حُمرا جـواريا
فلا يُطلق الشرعُ المُعولَََم همسة ً
ويخنس مبهوتا ويدهش خافــــــــــيا
فيا "عالَمَ القانون" إني كـــــــافرٌ
ِبذا الزيفِ والأعرافِ جُوفاً خوالـيا
نكافح كي نُغني الحياةَ جماعة ً
فماذا لو اخترنا اللقا والتســــــاويا ؟
ولكنّ بعضَ الناس يبغي تطاولا
وليسو بسادات ولسنا موالـــــــــيا
فلا حكمَ إلا للشعوب أبيّــــــــة ً
ولا شرعَ إلا ما يصدّ الأعـــاديا
وإن كانت البلوى علينا مُقامر ٌ
يبيعُ عِتاقَ الخيل نشوانَ زاهــيا
فذي دَورة ُالأيام تُبدي وعيدَها
وتُقرئهُ ما كان في الزّهو ناسيا
وإن كان هذا الجرحُ درسا لأمّتي
فقد كان وضّاء وإن كان دامــــــيا
ولم يبقَ إلا أن نلـــــــوذ بوثبة
وكُلّ حديث دونها بات واهــياً
فلا داءَ مثل القهر والصّمتِ والضّنى
ولا كنشيدِ الانتصـــار مُداويا
وقفت شجيا والحياء يلفني
لأني عريان وإن كنت كاسيا
وإني وددت البوح مغنى وغبطة
وحاولت جهدي أن أدندن شاديا
ولكنها الأقدار تطلق حكمها
على قدر ما سؤنا أرتنا المساويا
وقفتُ عتابا واعترافا وحًجة
عسى توقظ الأوجاع من كان غافيا
وإلا فإني شـــــــــــــــاهد ومبلِّغ ٌ
وغايةُ أمري أنني كنت وافــــــــيا .