المنمنمة الثّانية - صدقي شعباني

ستبكي معي...
لأنّ الدّموع الّتي أحرقتني تجفّ؛
لأنّ الهزائم تمتدّ في العظم
حتّى النّخاع،
وتأبى الدّموع ارتجافي...
فأبكي الدّموع الّتي أحرقتني،
ولكنّ ماء الحياة بقلبي انتضى دهشتي
واحترق...!
ستبكي معي...
كيف لي أن أراوح بين الدّموع وبين الوداع؟
كيف لي أن أقرّب بين الحضور المراوغ...
كيف لي أن أجمّع في القلب غرغرة الانتحاب؟!
ستبكي معي...
أرهقتني المشاوير،
أمست خطاي انتشارا لمن بعثرته الخطى،
واحتجبت عن الصّخب الآدميّ،
اعتراني السّكون...
فمن أين تأتي الدّموع ـ
أيا سيّد الاحتراق المفاجئ...
نبكي معا،
فوق جسر بنيناه بالتّرّهات الجميلة،
قرب المضائق في بلد يستطيب الغياب،
وفي كلّ درب تلاشى...
ونبكي لأنّ الحروف الّتي كتبت اسمنا صارت
مكاء ـ
ومعنى يفتّش عن نسبة في حروف تهاوت...
ستبكي معي ساعة من نهار...
ستبكي معي حتّى زلزلة الاندحار...
وتبكي معي إن هويت وحيدا،
وخضّت دمي لحظة الاحتضار...
*
العين في: 23 تشرين الأوّل 2007