مقام صوفيّ - صدقي شعباني

من حرّّّ الشّوق بعينيها، عمّد ترتيل الصّمت بقلبي، يا ربّ الصّمت العلويّ
الأدنى، حرّقني في أكناف سناها وسلواها، وانثر – يا رب الشّعري – على
ضلعي من نار لظاها، حميّاها أذقني لأعرف أوار الشّكوى، وأعذر في نهج
الحبّ كلّ العشّاق، ومن ذاقوا صبابات الفتنة والصبوة، تختال أمامي، تخطر
كالمهرة تشبّ، ببنان تسكب من حرّ كياني، عيناها الماء الضّالع في فوضى
الكلمات، قراها الجوع الدّائم، والنّظرة تلو النّظرة لا تدعو، وتقتل بالرّمش
المتهدّل، لا تدعو وتحيي بوعد الوصل، هي الأولى وأخراي المنذورة من طعم
الفصح ولون الخمر وبأساء الجسد المتلفّع بالشّوك وورد الشّعراء، وهي
الهجعة والهجدة، ما يعرو دمائي، ويجيش بخترفة الأحلام، أراها بحاءاتي
الخمسين وازدادت عشرا، وباءاتي العشرين وانثالت عسرا، من بعد
الإعسار سوار، وإساري عوار ودوار، إعساري يداها وسناها، وبريق
محيّاها….إعساري بلاياها…. رباها وسهوب مداها…. وإعساري استدعي
خطاها، أراقب في اللّيل بريق اللّمع بلألاها، فلا فمها الخمري، لميّاها تقيني
فأوقّى حرفيها وحرّاها، ولا اللّيل المسدول المكحول يفرشني وطاه،
يكسوني كما اللّحم المترع يكسو عظام الخلق بعيد الإتراب، ومجّ النّطفة
في أصل الظّلمات السرّية، ثم الإنشاء من المضغة، حتىّ العمر المرذول
يوافي،أو قطع العمر بمحكم آيات الهلكه، وهي شقائي ودوائي، وهي الدّاء
المستأصل من شجر الزّقّوم، المزروع بعمق خوائي، وهي الجلوة والحلكة،
وهي الأسماء بلاءات التّعريف جميعا، وهي الإنكار وكلّ التّنكير، وهي إذا
قمت أراها، إذا نمت أراها، وإذا صلّيت أرى الآيات جميعا تعبر فاها، أراها
وأراها، تركع تسجد، يا ربّ كأنّي انا، فاغفر، يا ربّ، لي ولها، جرّعني هواها،
واقتلني إذا متّ شهيد حماها، وانثر – يا ربّ الشّعرى – على ضلعي من نار
لظاها، حميّاها أذقني لأعرف سرّ الخوف وآلام الشّعراء ! !
*
صـــــــور في 25/11/2000ليلة الأحد