سفر التّرانيم - صدقي شعباني

آتيك من ظمأ الصّحارى الموحشــــات
يا أيّها البحر العصيّ الأغنيـــــــات
آتيك من قلق السّنين المجــدبـــــات
فامنح من الشجو الخفيّ الهينـــمــات
كلّ انسكاب من خموري الصّاديــــات
.
يا أيّها البحر لماذا الصّمت يعلكني فأغفو كالوميض المؤتلــــــــــق
والموج من حولي يطيل الهمس ، يشكو آهه يا أيّها الصبّ استفـــــــق
والماء ـ هذا الماء ينشر راحه ويترجم الغسق السبيّ إلـــــــــى أرق
إنّي أروم الحرف ، أمتصّ الرّحيق فتهرب الكلمات منيّ كالشّـــــــفق
وأحاول البدء العصيّ ، أداور اللّحظات ، لكن لا بريق ولا ألـــــــق
.
وأنا الوحيد على طريق البحــــــــر لا
بحر يوافيني ولا شكوى المــــــــلاح
أشتاق لو أحيا وتأسرني لحــــــــــا
ظ مراجل بنواعس الطّرف الفصـــــــــاح
أشتاق لو شفّ الفؤاد فمــــــــا درت
أعضاء جسمي أنّني الخفق المبــــــــــاح
يا ليت روحي تعتلي رمم العظــــــــا
م وتنثني في الحبّ شجوا مستبــــــــــاح
حتّى كأنّ الكون قصّة عاشـــــــــق
أو صفحة أخرى يخلّدها السّــــــــــلاح
.
يا بحر لو ترضى أسمّيك الجــراح
أعطيك من روحي وتعطيني السّكــون
ونخطّ ـ يا بحر ـ بدايات الشّجــون
أعطيك لا أبغي سوى القرب المبــــاح
.
يا بحـــر لا
تقس علــى
صبّ نــأى
فيك انتهـى
منك ابتـدا
سحر الكلام
نظم الغـرام
درّا وياقوت
وتلا من /
الآي الغموض
وعفّر الوجه /
الحيـّــي ـ
بذل الدّموع
لا كالشّموع
لكن بذلّ الياسمين
وهمسة الرّيحان
أسلمت العنان
وكتبت ـ يا بحر ـ
على رقّ الغرام،
للّيل ألقي بهجتي
في اللّيل أسكب حيرتي
للموج آتي من تلافيف الفيافي
للرّمال ـ
وللنّقاب الأحمر الخمري ّ
للصّمت المجافي ـ
للّيل آتي ،
ما لهذا البحر حائر ! !
.
بحران بحري : ـ لو أشاء سكبت بحرا في البحور فما انتهى، وفرشت بحرا آخرا، كانت بحوري كلّها صغرى النّقاط إذا انطوت في جوفه الغافي ، وبحري ملتقى كلّ البحار، ومجمع البحرين ـ مرج الجنّتين ، فواكه، حور وتوت، والهوى ابريق خمر يرتوي منه الظّماء إلى شرابي.
.
آتيك أحمله علـــى كفّي اضطرابـــــي
يا رسول البوح يــا سرّ انتسابــــــي
فانتشلني لا تراع(ي) بالذّي كان اكتئابـــــي
واصطف(ي) من كلّ قلبي همّه ثمّ اغترابـــــي
إنّني آمنت يا بحر بأنّ الموج ســــــــابي
.
فاصطف فيّ اغترابــــي
وانتشل منيّ اكتئابــــي
ثمّ انتم ـ يا بحـــر:
ـ أنت
أم
أنـــا ؟ ! !
*
صــــور ( ذات صباح حزين )