وَعْدُ الأخْرَس - مجدي بن عيسى

1
لَيْلِي نَهْبٌ لِأَصَابِعِهَا .
ونَهَارِي كَوَعْدِ الأَخْرَسْ .
2
عَيْنَاهَا
أرَقٌ قَبْلَ النَوْمِ
وَمَسَالِكُ فِي الحُلْمِ عَلَى جَبَلٍ وَعْرْ
وَمَهَاوٍ تَعْصِفُ بِي
وَسَنَابِكُ خَيْلٍ مُدْلِجَةٍ
فِي لَيْلٍ قَرّْ.
...
لَمْ أعِرِفْ بَعْدُ حُدُودً الحًلْمْ
فَكَأنَّ الشَمْسَ وقَدْ طَلَعَتْ
مِنْ تِلْقَاءِ مَنَازِلِهَا
وَعْدٌ
بِمَسَالِكَ فِي جَبَلٍ وَعْرْ
وَمَهَاوٍ سَتُطَوِّحُ بِي
مِنْ تَحْتِ سَنَابِكَ مُدْلِجَةٍ
فِي لَيْلٍ قَرْ.
3
أَسْتَعْذِبُ مَا يَتَدَافَعُ مِنْ كَلِمَاتٍ فِي الحُبْسَةِ مُبْهَمَةً ،
إذْ أَلْقَاهَا المَرَّةَ بَعْدَ المَرَّةْ .
أَسْتَعْذِبُ خَائِنَةَ الأعِيُنِ فِي لَهْفَتِهَا ،
وأُؤَوّْلُ رَشْفَةَ قَهْوَتْهَا المُرَّةْ .
استعْذِبُ تَغْرِيدَ الصَمْتِ
و حَفِيفَ الأجْنِحَةِ الحُرَّةْ .
..
وَكَذَلِكَ مَكَّنْتُ لِوَسْوَاسِ مَحَبَّتِهَا ،
وَتَأَوَّلْتُ لُغَات الخُرْسِ الجَمَّةْ .
4
غَيْمٌ يَتَمَاوَجُ فِي مَسْبَحِ بَيْتْ .
أَعْشَابٌ مُهْمَلَةٌ شَعْثَاءْ .
أَزْهَارٌ فِي الشُرْفَةِ أَذْبَلَهَا البَرْدْ .
مَا أَوْحَشَ غَيْبَتَهَا .
مِنْ خَلْفِ سَتَائِرِ غُرْفَتِهَا ،
أَلْمَحُ فِي الضَوْءِ الشَاحِبِ طَيْفِي ،
ثَرْثَاراً مَرِحًا .
أَأَكُونُ سَهَوْتْ ؟
وَ أَنَا الوَاقِفُ مِنْ خَلْفِ نَوَافِذِهَا ،
مُشْتَعِلاً فِي بَرْدِ الفَجْرِ كَمِصْبَاحِ الزَيْتْ ؟
5
سَاُمَجِّدُ عُرْيَكِ أيَّتُهَا الشَجَرَةْ ،
وسَأمْدَحُ زُهْدَكِ أيَّتُهَا الأعْشَابْ .
أمَّا أنْتِ
أيَّتُهَا المَقْرُورَةُ فِي ثَوْبِ المَرْمَرْ ،
فَتَعَالي
نَسْتَدْفِئُ ضَوْءَ العُرْيِ ، و نَسْتَذْكِرُ مَكْرَ الزُهَّادْ .
6
نَتَدَاخَلُ . هَذَا صَفَاءُ العُرْيِ يُتَرْجِمُنَا
لِنَظَائِرِهِ
فِي مِرْآةِ اللَيْلْ .
نَتَدَاخَلُ مَاءَيْن ،
في لَحْمِ المَوْجَةِ ، صَوْتَيْنِ لِشَهْقَتِنَا ،
أغْنِيَةُ في ذَاكِرَتَيْن .
نَتَدَاخَلُ . لا شَيْء يَدُلُّ عَلَيْنَا سِوَى صُورَتِنَا
في مِرْآةِ اللَيْل .
7
الأشْجَارُ المُتَشَابِكَةُ النَعْسَانَةُ فِي فَجْرِ حَدِيقَتِهَا ،
وفَرَاشَاتُ اللَيْلِ الغَافِيَةُ الآنَ عَلَى بِلَّوْرِ الشُبَّاكْ ،
مِنْ أَيِّ هَنَاءٍ قَبَسَتْ غَفْوَتَهَا ،
لَوْلاَ تَعَانُقُنَا،
فِي هَذِي السَاعَةْ ؟
8
أَهِيَ النَجْمَةُ مَا نُبْصِرُ ، أَمْ ضَوْءُ النَجْمَةْ ؟
وَ شَذَا الأَزْهَارْ ،
هَلْ هُوَ مَا يُبْهِجُ ، أَمْ أَلَقُ الزَهْرَةْ ؟
لاَ مَجْدَ لِغَيْرِ أَنَامِلِهَا ،
تِلْكَ الكَلِمَاتُ المِعْطِيرُ الوَضّاءَةُ ، إِذْ دَلّتْنِي عَلَيْهَا