راعية المواويل - طالب همّاش

تُعذّبني القرويّةُ‏
تتركني مثلَ حزنٍ صغيرٍ‏
يفكّر بالحبّ في دَرْبِهَا‏
وتَعُودُ بغزلانها‏
حينَ تَحْزَنُ قريتُنَا بالغروبِ!.‏
***‏
تُعذّبني القرويّةُ‏
وَهْيَ تربّي مواويلَهَا في المراعي،‏
وتَسْرَحُ بالنّاي‏
بينَ المروجِ..‏
وحينَ يَعُوْدُ الظّلامُ إلى التلّ‏
تَهْرَعُ سَبْعُ نجومٍ إلى راحتيها‏
فتبكي عليها!‏
وتأخذُ نجماً إلى بيتها‏
في الجنوبْ!.‏
***‏
تُعذّبني القروّية‏
تَحْملُ جَرّةَ ماءِ‏
وترحلُ عندَ الغيابِ إلى حزنها ..‏
ما أحنَّ حفيفَ الرياحِ على شَعْرِهَا‏
المتموّجِ‏
يجرحني الماءُ في حبُهّا‏
والدروبُ في الليلِ‏
تجرحني بالبكاءِ!..‏
ويجرحني في طفولتِهَا العندليبْ.‏
***‏
تعذّبني القروّيةُ‏
حينَ تنادي على الحَوْرِ.‏
تأخذني مِنْ يديّ إلى النهرِ‏
عمرُكَ أصغرُ...‏
يكبْركَ الياسمينُ‏
بنصفِ خريف، بصيفٍ منَ التوتِ..‏
يكبرُكَ القمحُ سنبلتينِ،‏
وحُزْنٍ قليلْ!.‏
***‏
تعذّبني القرويّةُ‏
في ضفّةِ النّهْرِ‏
تَتْرُكُ للماءِ رُوْحيَ عريانَةً‏
في المَهَبّ‏
وتُنقذني مِنْ سقوطِ دموعيْ‏
على رَاحَةِ العُشْبِ قبلَ الرحيلْ..‏
وتُنقذني مِنْ سُقُوط وريقاتِ حزنيْ‏
أمامَ التماثيلِ‏
لا شجْرَةُ الفُلّ تبكي فُرَاقيْ‏
إذا غِبْتُ ..‏
لا مُهْرَة في ضُلُوعِ الأصيلْ.‏
***‏
تُعَذّبني القرويّة‏
في ساحلِ الليلِ‏
يا قرويّةُ رفْقَاً بأغنيتي!‏
للموشّح جرحي..‏
وشبّابتي للهديلْ!‏
-ألا أيّها المبعدُ الطفلُ‏
كيفَ استحلتَ غريباً على صَخْرَةِ البُعْدِ؟‏
-شردّني طائرُ العُتْمَةِ المغربيّ‏
وأخّرني عنِ الحزنِ أيلولُ‏
شَهْرَاً من التينِ..‏
أخرّني طائرَ النهرِ صيفَ نخيلْ.‏
***‏
تُعذّبني القرويّة‏
يركضُ قمحٌ إلى خَصْرِهَا‏
ويَشبّ بسَبْعِ سَنَابِلْ‏
ويركضُ طيرٌ إلى شَعْرِهَا‏
ليحرّرَ سبعَ رسائلْ.‏
ويمشي الحمامُ وراءَ الحمامْ.‏
***‏
تُعذّبني القرويّة والنايُ‏
تمضي بجرّتِهَا إلى النبع صبحاً‏
فيتبعها‏
وتَعُوْدُ مِنَ الحقْلِ ليلاً‏
فيسبقُهَا..‏
ويبكي وحيدَاً على رُوْحِهَا في الظلامْ.‏
***‏
تعذِّبني القرويّةُ بَعْدُ الغروبِ! .‏
***‏
تعذِّبني القرويّةُ في الفجرِ‏
والقَمْحُ يُحْزنني‏
كلّما هبّتِ الريحُ مجروحَةً في العيونِ‏
وتُحزنني أينما رحتُ تلكَ النصوبْ!.‏