غربة الرجل الوحيد - طالب همّاش

يا عمِّي الشيخُ‏
أنا من زمنٍ منفردُ الروحِ‏
حزينْ!‏
منذ سنينٍ‏
وأنا الطاعنُ في الأحزانِ‏
أعاقرُ خمرَ الليلِ وحيداً‏
وأرتّلُ قدّاسَ الوحشةِ‏
منذ سنينْ!‏
زوِّجني ابنتكَ الملأى عاطفةً!‏
كي تحملَ ماءَ النبعِ حلالاً‏
كدماءِ الوردِ إلى بيتي،‏
وتمدَّ على حبلِ الصبحِ‏
زغاريدَ أنوثتها البيضاءَ..‏
فيفرحُ ربَّانُ الباكينْ!‏
لا تسألْ عن كوخي!‏
:خلفَ ضفافِ المغربِ كوخي‏
حيثُ تنامُ الشمسُ كامرأةِ الفقراءِ‏
ويطلعُ مكتملاً قمرُ الياسينْ.‏
أو ملكي:‏
شبّابةُ حزنٍ ظامئةٌ للريحِ،‏
وخنجرُ أسلافٍ معقوفِ النصلِ‏
يحدّقُ في الغادينْ‏
فأنا القرويُّ المنسيُّ وراءَ كرومِ التينْ‏
جئتُ لأخطبَ ودَّ صبيتكَ البيضاءِ‏
فهبها للعاشقِ يا مولايَ!‏
فهذي الليلةُ مقمرةٌ،‏
والروحُ تفيضُ حناناً وحنانْ.‏
هبها للعاشقِ‏
كي يتأمّلَ أسرابَ حساسينِ الفجرِ‏
بعينيها‏
تتساقطُ فوقَ ضماداتِ الروحِ‏
كأزهارِ الرمانْ.‏
هبها للعاشقِ يا مولاي!‏
فقد زقزقَ دوريُّ اللوزِ‏
وفتّحَ آسُ الحزنِ‏
وفاحتْ رائحةُ الريحانْ.‏
يالابنتكَ الملأى عاطفةً:‏
سبعُ أنامل موسيقى‏
سارحةٌ في حقلِ السوسنِ‏
مثل صغارِ الغزلانْ!‏
وإوزّةُ إنشادٍ راجعةٌ عند المغربِ‏
من شجرِ الأرزِ العالي‏
نحو القمحِ‏
لتغفو تحتَ جناحيها البيضاوينِ‏
كآلهةٍ من غفرانْ!‏
أبصرتُ سماواتِ الحزنِ بعينيها‏
ومواويلَ الصيفِ بمغربنا الريفيِّ‏
وأولَ ساعاتِ الأحزانْ‏
يا عمِّي الشيخُ بحقِّ الوردِ‏
وحقِّ شروقِ الشمس‏
وحقِّ العنب الناضج في البستانْ‏
زوِّجنيها تحت غناءِ نجومِ الليلِ السهرانةِ‏
ولترأفْ بالروح كهولتكَ السمحةُ‏
"فالعاشقُ نشوانْ"!