المقهى - طالب همّاش

ذات مساء سراني
جلسَ الشاعر ُوالراهب والسكّيرُ
إلى طاولةِ الحزن
وراحوا يرتشفونَ لبابَ الخمرة ِ
في زاوية الحانْ .
جلسوا عُمياً عن ضوء الحزن المشدود
كخيط بين عيون الناس
وعن عمر ِالليل المحدودب ِكعجوز ٍ
فوق ضهور الكهان .
لم ينتبهوا
للقمر ِالطالعِ من بغداد َ
يفيضُ بحزنِ صوفيِ في دنياه ُ
ولا لحداءِ الغصّة ِفي قلب ِامرأةٍ
ترضعُ من شرفتها الغيم َالظمآنْ .
كان الأوّلُ ملتفّاً بقميص ِالدمع ِالشفّاف
يصيخ ُالسمع َإلى صوت ِامرأة
يتهادى كمواويل ِالليل
وثانيهم يتأمّلُ في الأفق ِالشرقيّ
ملاكا نورانيّ الطلعةِ
يكشفُ عن حزن ِالدنيا في عينيه
وتحملهُ فوقَ قباب ِالغيم
(قرائينُ )بياض ٍ، وأناجيل ُحنانْ .
فقط الثالثُ ظلّ يغوصُ بقاع ِالصمت
وحيداً ،
يحسو الخمرَ
وينصت ُللشاعرِ وهو يدبُّ على الأرض كأعمى
ويحدّقُ في حزن ِالراهب ِكالسكران ْ.
قال الشاعر ُللراهب ِ:
منذ زمانٍ وأنا أرقدُ في تابوت ِالعزلةِ
منتظراً أن تأتي امرأةٌ كملاك ِالموت
لتقتلني ،
وتهزّ َعلى موتي النائم أجراسَ الهذيانْ .
قال الراهب ُ:سبع ُليال ٍ
وأنا أصغي لنحيب ِالمطر ِالأبيض في الليل
ولم تأت ِالنشوة ُ
كي أشربها كنبيذ ِالرمان ْ.
رفأَ الشاعرُ عينيه ِ ،
وهامَ الراهبُ في التيه ِ
وسال َعلى وجه ِالسكيرِ بكاء ٌأبيض ُ
وانطفأَ الحان ْ.
وانتشر َالليلُ أميراً
فوق جميع العميانْ