بنيّ - طالب همّاش
بَنيَّ انتظرني قليلاً!
لأشعلَ مدفأةَ البيتِ
فالريحُ يحتطبُ الروحَ
رَجْعُ صداها الحزين،
ويُفزعُ قلبَ النواطيرْ.
بنيَّ انتظرني!
فإنّيَ أسمعُ صوتَ سماءٍ "ملبّدةٍ" بالغيومِ
تُخَوِّضُ في عتمةِ الليلِ
مثلَ قطيعٍ من الحزنِ
..
أسمعُ صوتَ نواحٍ يقطِّعُ بالهذيانِ
نياطَ القلوبِ،
ويجثمُ كالبومِ فوقَ ضريحِ الحواكيرْ.
فشيخُ الحكاياتِ يقرأُ
خلفَ نصوبِ الخريفِ
تعاويذَهُ السودَ
كيما يطاردَ أنثى الذئابِ التي
ستمزّقُ أنيابُها جثَّةَ الحزنِ
عندَ هبوبِ الأعاصيرْ.
وأسمعُ أمطارَ غيمٍ قديمٍ تنوحُ على شجرِ الحورِ
مثلَ أعالي الفراقِ،
ونوحَ رياحٍ مشرّدةٍ
تتألّمُ في شجرِ السنديانِ العجوزِ
وتعولُ عندَ جذوعِ النواعيرْ
كأنَّ مضاجعَ أسلافنا
قَضَّهَا هذيانُ البروقِ
فراحتْ تُرامحُ في البرِّ أشباحها
الموحشاتِ،
وتُسكتُ بالخوفِ قلبَ النوافيرْ.
بنيّ انتظرني قليلاً
لأشعلَ شمعتنا
تحتَ أيقونةِ الأمِّ
علَّ جناحَ السكينةِ يحملُ أرواحنا للصلاةِ
فيبتهجُ الليلُ بالنورِ
والشمسُ تصحو،
ويحلو غناءُ العصافيرْ.