بحّة وحفيف: - طالب همّاش

أنا وجدائلُ شعركِ‏
كنا نحوكُ ثيابَ الخريفْ.‏
* * *‏
وكنا حبيبينِ عندَ الغروبِ‏
نعمِّرُ كوخاً من الريحِ‏
أبوابُهُ من غيابٍ‏
وشباكهُ من حفيفْ.‏
* * *‏
وكنا نساهرُ في الصيفِ مريمَ‏
حين تمرُّ بحلّتها الليلكيةِ‏
بعدَ المساءِ‏
ونبكي على قمرِ الأمسياتِ الكفيفْ!‏
* * * ‏
ولكنْ كبرنا معَ الريحِ حيناً‏
وحيناً مع الحورِ‏
وا أسفاه!!‏
حبيبين من بُحَّةٍ وحفيفْ!‏
* * * ‏
أنا وجدائلُ شعركِ‏
طرنا كطيرِ حمامٍ،‏
وغيمةِ قمحٍ‏
نسافرُ كالهدهداتِ‏
إلى آخرِ الصيفِ‏
طيرٌ وحنطتهُ؟‏
بلبلٌ وأصيلْ.‏
* * *‏
يسابقنا الأرزُ‏
والنايُ يسبقنا‏
للهواءِ الملحّنِ فوق الحواكيرِ‏
شعركِ ليلٌ‏
وقلبي كفرخِ اليمامِ‏
ينامُ على غيمةٍ من هديلْ.‏
* * *‏
فجاءَ شتاءٌ حزينٌ‏
ولَمَّ عن الدارِ أوراقنا‏
ومضى تاركاً روحنا‏
معلّقةً في فضاءِ الرحيلْ.‏
* * *‏
وكنا نصلّي مع اللوز في‏
شهرِ أيارَ‏
حيث المدى طيّبٌ،‏
والزمانٌ أحنُّ.‏
* * *‏
فصرنا على ضفّةِ النهرِ‏
صَبْرَةَ قمحٍ‏
يهبُّ على هَدْيِهَا‏
هدهدٌ من غناءٍ‏
ويحدبُ حزنُ.‏
* * *‏
شببنا على شجرِ الكينياءِ المعمّرِ‏
عمراً من الهدهداتِ‏
نغازلُ ريشَ العصافيرِ‏
لكنْ سقطنا مع الزهرِ يوماً‏
وراحتْ تنوحُ على روحنا حدأةٌ،‏
ويقطّعُ أشجانَهُ‏
بحريرِ المواويلِ لحنُ.‏
* * *‏
أنا وجدائلُ شعركِ‏
طيرانِ مرتحلانِ‏
إلى قمرٍ موحشٍ في الهبوبْ.‏
* * *‏
يحنُّ إلينا جمالُ الفراشاتِ‏
والبرتقالُ الحزينُ‏
تحنُّ الغيومُ إلى بيتنا في الأعالي،‏
تحنُّ الشمالُ إلى ريحنا في الجنوبْ.‏
* * *‏
أنا وجدائلُ شعركِ نفترقُ الآنَ‏
كلُّ إلى حزنهِ‏
أنا للدموعِ‏
وشعركِ كيما يمطّرَ أحزانَهُ‏
السودَ‏
فوقَ ديارِ الغروبْ