من أوراق العاشق - طالب همّاش

-1-‏
خذيني من النايِ آخرةَ المغربِ!‏
***‏
خذيني من النايِ، من حسرةِ النايِ‏
من شجني في الربابةِ‏
واسترجعيني من النغمِ المتعبِ!‏
***‏
هنا للعصافيرِ عشٌّ على الغصنِ..‏
طيرٌ على العشّ يشربُ زقزقةً‏
من فمِ الذهبِ.‏
***‏
خذيني كما يجمعُ النايُ‏
سربَ السنونو‏
ويطلقهُ فوقَ مئذنةِ المغربِ!‏
-2-‏
لديني من النايِ‏
طفلاً يقطّفُ زهرَ الأمومةِ‏
من شجرِ الحزنِ عند الغروبِ‏
ويزرعها دمعةً دمعةً‏
فوق قبرِ المدى!‏
***‏
لديني فقيراً يربّي الحماماتِ‏
في باحةِ للصلاةِ‏
ويعزفُ بالناي كيما‏
يجمّعَ حزنَ النجومِ‏
ويسكبهُ بالصدى!‏
***‏
لديني مع الصبحِ من شجرِ البرتقالِ‏
لأمرضَ باللوزِ‏
بين الندى والندى!‏
-3-‏
أغني ليسمعني الصمتُ ما بعدَ‏
منتصفِ الليلِ‏
أروي جرارَ المواويلِ بالحزنِ‏
من نغماتِ كماني!‏
***‏
أغني ليأخذني النومُ‏
في زورقِ الليل‏
ثم أفيقُ على الصبحِ ممتلئاً بالأغاني.‏
***‏
أغني لتبقى الصبيةُ زارعةَ اللوزِ‏
والعشقُ أجملَ‏
والوردُ أغرسَ شوكاته ساهماً‏
في بناتي.‏
-4-‏
سمعتُ على النايِ قلبي الصغيرَ‏
يراقصُ كل العصافيرِِ في حقلةِ الأقحوانِ‏
ويمسكُ عصفورةً ليعلّمها لحنَ أغنيةٍ،‏
ويطيّرُ طيرَ الأناشيدِ بين حقولِ القصبْ.‏
***‏
سمعتُ على الناي‏
نأمةَ حزنٍ عتيقٍ‏
تنوحُ وراءَ سياجِ الخريفِ‏
فأمسكتها بيديّ‏
وأطعمتها حبّةً من عنبْ.‏
***‏
سمعت على الناي عاشقةً‏
تتأمّلُ أيامها عندَ مجرى الغديرِ‏
فطوّقتها بالغناءِ‏
وشنشلتها بالذهبْ.‏
-5-‏
ينامُ الكمانُ على صدري الحلو..‏
تغفو نجومٌ مبلّلةٌ (بالموسيقى)‏
وتغفو ضفائرُ امرأةٍ‏
فوق كتف الغديرْ.‏
***‏
تنامُ الحمائمُ ثم تطيرُ إلى الهندِ‏
متعبةً.. متعبهْ.‏
وينشغلُ القمحُ بالريحِ‏
ثم يمّوجُ حنطتهُ في حقول الحريرْ.‏
***‏
ينامُ الكناريُّ في العشِّ‏
منتظراً‏
أن يهلَّ الهلالُ‏
وفي ساعةِ البدرِ‏
يملأ قَريتنا بالصفيرْ.‏
-6-‏
أنا الحزنُ‏
حين تدورُ النواعيرُ‏
بعدَ الحصائدِ ضائعةً.. ضائعهْ!‏
***‏
أنا الحزنُ‏
حين تطيرُ الحمامات‏
فوق سطوح البيوتِ‏
وتلعبُ أقمارُ صيفٍ‏
على قريةٍ رائعهْ!‏
***‏
أنا الليلُ‏
حين تنامُ الكمنجاتُ‏
في مهدِ أغنيةٍ موجعهْ!‏
***‏
أنا الحبُّ‏
حين يعضُّ المحبُّ‏
على كتفيْ قمرٍ أبيضينِ‏
ليطعمَ تفاحةً جائعهْ.‏
***‏
على شرفةِ البيتِ أجلسُ منتظراً‏
أن يمرّ الخريفُ‏
لأجمعَ أوراقَ وحشتهِ‏
في دفاتريَ الضائعهْ.‏
***‏
ليسَ بيني وبينكِ غيرُ هديلٍ‏
يردُّ الحمامَ إلى أولِ الروحِ‏
أبيضَ‏
مثل زهورِ الحليبِ الشفيفْ.‏
أنتِ غصنٌ يميلُ على النهرِ‏
في شجنٍ...‏
وأنا الريحُ‏
عمَّرها الحورُ من بحّةٍ‏
وحفيفْ!‏