رب ليل جلت به الأخطار - أبو الهدى الصيادي

رب ليل جلت به الأخطار
واستطالت وقد جلاها النهار

حكم في برودها مضمرات
أودعتها أسرارها الاقدار

وشؤون الأيام طي ونشر
ولهذين في الملا أطوار

قد تغيب البدور في الطمس حينا
ويحيى الأهلة الإظهار

لا تقل للهلال إذ لاح فضل
أو على البدر حين يطمس عار

حركات أدارها وارد الامر
لسر حارت به الأفكار

ومعان ستنجلي يوم إظهار
الخبايا إذ تكشف الأستار

هزنا الطبع فاحتفلنا بدنيا
ما لشخص فيها وحقك دار

كلنا ظن أنه صاحب الدار
وما غير ربنا ديار

عمر الخلق فارس تحته اقفر
تطوى للسير منه القفار

والمطيطاء مشية الناس للاعمال
فانظر هل فوق هذا خسار

ذهب الخلص الكرام وقل الخير
فينا وقلت الأخيار

مات من دأبهم جميل الايادي
واصطناع المعروف والإيثار

قد طوتهم يد الزمان فبادوا
وتواروا تحت التراب وساروا

مات قوم بهم لدى القحط يستسقى
وفي الحال تنزل الأمصار

عاهدوا الله عهد صدق على الحق
فهم دائما له أنصار

ما رأوا طاعة المهيمن قولا
لأمور قضت بها الأوطار

وبقينا بمعشر فقراء الخلق
لكن أغناهمو الدينار

يزعمون الكمال بالعم والجدد
غرورا وهكذا الأشرار

وإذا هزهم كريم لأمر
صغروا بعد كبرهم ثم حاروا

أسرفوا حيث شرفوا النفس بالدرهم
جهلا حتى على الجار جاروا

عظمت ضجة العجائب فينا
وتساوى الانجاد والأغوار

وتعالى الفجار وانخفض الأبرار
والماء واحد والنار

آه يا حسرتا على الشرع أضحى
خاملا وهو لو دروه منار

وديار طالت يد الدين فيها
لعبت فوق سطحها الكفار

ورجال من عصبة الحق فيهم
نخوة للحمى وعزم وثار

سبقتهم جهال قوم كما قد
سبق العيس بالمسير الحمار

وتعدى الحدود كل لئيم الطبع
خبل واستحسن الضرار

وتوالى قلب الحقائق حتى
قال قوم في الليل هذا نهار

حالة ما لها سوى الله إن الله
في الملك فاعل مختار

والرسول العظيم صلى عليه الله
كنز يمحى به الإعسار

سيد الأنبياء علة خلق الخلق
من قد اسرى به الجبار

كنز غيب قامت به نقطة العلم
وطافت بقلبه الاسرار

مظهر الحق معدن الصدق سيف
في المهمات مصلت بتار

وعليه السلام ما انعطف القلب
إليه ودرعه الإنكسار

وعلى الآل والصحابة من هم
خلفاء الشريعة الأطهار

سادة العالمين في كل فج
قادة الأتقيا الألى الأبرار

ما تجلى الرب الجليل بلطف
ومع الوقت دارت الأدوار

وانجلت ذروة الوجود بأضواء
وقامت بربها الآثار