هل جادك الوجد ؟ - نبيلة الخطيب

هل جادك الوجدُ والأشواقُ تحترقُ
وأمعنَ السّهدُ في عينيكَ والأرَقُ

فدّيتَ مِن عاشقٍ لا يستقيمُ لهُ
إلاّ التباريحَ في الأضلاع تختفقُ

لزفرة الآه نارٌ فطّرتْ كبدي
وباتَ منها الحشا يغلي ويستلقُ

لملمْ جراحَكَ فالأيامُ سادرةٌ
بالبين تُسلطُه سيفاً وتمتشقُ

فلا التّعَطّفُ يُجدي في توَدّدِها
ولا التماسُ الأماني حينَ نرتفقُ

بيداءُ بَيْدَ بها الأمواجُ صاخبة
جرداءُ يُحكِمُ في أنوائها الغرَقُ

يمتدّ حُزنٌ على أطرافِ بهجتنا
نمسي نُكفكفه فينا وينهرقُ

له جناحان كالغربان يفردها
تنضمّ فوقَ أمانينا وتفترقُ

يُطِلّ مثلَ فضوليٍّ يُماحِكُنا
تطاولَ الصدرُ والكتفان والعُنقُ

ومعوَلُ الصبر كم ينبو ونشحذه
فهل عليه صخورُ الهمّ تنفلقُ؟

دنيا نلوذُ بأثواب الرجاء بها
والثوبُ منها رقيقٌ واهنٌ خَلِقُ

فكلما راحت الأحلامُ ترتقه
- وهماً– تضاحك منّا وهو ينفتقُ

نعدو، تكلّ بنا الأعمارُ لاهثة
وقد تمازجَ منّا الدمعُ والعَرَقُ

نرتدّ نبحثُ عن ماضٍ تُنازعُنا
ذكرىً يفيضُ بنا مِن طيفها عَبَقُ

تستوطنُ الشمسُ شيباً في ذوائبنا
وفي العيون لهاتيكَ اللظى شَفقُ

فما التّرَقّبُ والدنيا على سَفرٍ؟
وما التريّثُ والأعمارُ تستَبِقُ؟

وما الترَجّلُ والأيامُ عاديةٌ
دهماءَ تَصهَلُ إيذاناً وتنطلقُ؟

تظلّ تضبحُ لا تلوي على سَكَنٍ
مضمارُها الأرضُ والدنيا لها أفُقُ

أيا الشفيقُ هي الأيامُ نافرة
مَن ذا يُلَجْلِجُها شَكّاً ومن يَثِقُ؟

هل جادَكَ الوجد؟ هَدْهِدْ بعضَ ثورَتهِ
فالهَدأةُ الحقّ حينَ الروحُ تنعَتِقُ

هناكَ لا بينَ نخشى أن يُداهِمَنا
ولا يقضّ تدانينا بها فَرَقُ

نرتادُ في زمرة الأحباب صفوتنا
مَن عاهدوا الله أبراراً وقد صَدَقوا

فافرح لَعَمْرِ الذي سوّاكَ إنّ لنا
فيها حياةً من النعماء تنبثقُ

قد كان قلبُكَ نبعاً لا يغيضُ به
وُدّ فيقصدهُ الظامي ويَغتبِقُ

وباتَ ذكركَ زهراً نادياً عَبِقاً
يضفي على الشعر إيناقاً ويأتلقُ

كم جادك الوجد؟ هل كتّمتَهُ جَلَدَاً؟
فالصابرونَ لهم في المُرتقى فلَقُ.