الربيع - أنور العطار

يـا  حـبيبي أفق فقد ضحك الرو
ض وأبـدى جـمـالـه المحجوبا

واسـتـعـاد  الوادي الأنيس سناه
وبـنـى الـطـير عشه المخروبا

طـرب الـقـلـب فانتشى وتغنى
ومـن الـحـب أن أعيش طروبا

وأنـا  الـشـاعر الذي يغمر الأر
واح ضـحـكـاً ومـا يريم كئيبا

فـي  فؤادي اللهيف داء قد استعـ
ـصـى وجـرح يـمضّني تعذيبا

*               *              

يـا حـبـيبي دنياك تطفح بالحس
ـن فـخـذ لـلـفؤاد منها نصيبا

هـات  ناي الهوى وقم نملأ الأكـ
وان مـن سـكـرة الغناء ضروبا

لا  تـرع فـالـحياة يوم ويمضي
لـيـس  يـرجى لطيفه أن يؤوبا          

             *               *

نحن شدو الطيور يصغي لنا الدهـ
ر  فـيـغـرى باللحن حتى يطيبا

يـذر الـهـائمين في فرحة الحب
ويـصـفـيـهـم الوداد الخصيبا

يـحـتـسـون  الحياة خمرة وجد
ويـرون  الـدنـا من السكر كوبا

لـهـم الـلـيل في حواشيه يحيو
ن ويـطـوون جـنـحـه تشبيبا

نـهـبـوا  العمر واستباحوه لهواً
واسـتـطابوا الأسى ولذوا اللغوبا

ضـحـكـوا  والحياة بنت التلهي
مـنـعـت محجماً وأعطت طلوبا

يـسـأم الـعـيش من يبيت خلياً
والـشـجـي العميد ينسي الكروبا

رُبَّ صـحـراءَ طوَّفَ الحبُّ فيها
أزهـرتْ ربـوةً وروضـاً عشيبا

نَـضَّـرَ  الـحـقلُ ساحة وتجلى
رائـعـاً  فـتـنـة العيون قشيبا

هـو  ذا مـوكـب لآذار حـلـو
يـتـمـشـى  على السهول لعوبا

مـلأ  الأرض والـسموات عطراً
ونـفـى الـهمّ والضنى والشحوبا

وعـلـى  معطف المروج تراءت
قُـبَـلٌ  لـلـربـيـع تنفح طيبا

تـجـد الـنفس في شذاها الأماني
صـوراً تـتـرع الـجـنان لهيبا

تـغـمر  الروح بالهناءة والصفـ
و كـمـا يـغـمر الحبيب الحبيبا

الـيـواقـيـت في النواظر ذابت
وجـرى  الـسحر بالضياء مشوبا

جـدول  يـلـهـب القلوب غناء
ظـل  مـن مـوجه السني سكوبا

ألـمـس النور في تلاميعه الزهـ
ر  وأشـتـف روحـه الـمحبوبا

وأرى  العطر وهو هيمان في الدو
ح يـنـاجـي في غصنه العندليبا

وأحـس  الحياة تركض في العشـ
ب وتـسـري بـين الحقول دبيبا

نَـفَـسٌ هـامـس وآخَـرُ شـادٍ
ورؤى  هَـمَّ سـحـرُها أن يجيبا

كـل  شـيء هـنـا يغني ويحيا
نـغـمـاً  مـمـتعاً وشدواً عجيبا

هـا هـنـا تـسمع الأناشيد أذني
وتـرى  الـعين في كراها الغيوبا

هـا هـنا يركن المحب إلى الأنـ
س  ويـغـفـي الـفؤاد إلا وجيبا

يـا حـبيبي أفق فها ذاك طير الـ
ـحـبِّ قـد أسـكر الرُّبا تطريبا

تـتـراءى لـه الـسـموات ألحا
ظـاً وتبدو الأرض والفضاء قلوبا

يـا  حـبيبي طلب الهوى فاغتنمه
لـسـت  عن جرحه النديّ غريبا

لـك مـن هـذه الـدغـال أليف
يـتـصـبَّـاك  مـؤنـساً ورقيبا

غـنِِّ  فـي مـسمعي نشيداً رقيقاً
وآسْـرِ فـي مهجتي شعاعاً رطيبا

ودع الـحـب يـأتـلق في خيالي
أفـقـاً  سـاحـراً وكـوناً رحيبا

اطـعـنِ  القلب ينفجر بالأغاريـ
ـد ويـمـلأ هـذا الفضاء طيوبا

لا  تـضـمـده يذك شوقاً وشجواً
واتـرك  نـاره تـشـبّ شـبوبا

أوقـد الـحـب بـالـمدامع تنهل
وبـالـوجـد  صـارخـاً ومهيبا

لا تـخـف أن يضج بالحب مأوى
واخـش إمـا أحسست منه نضوبا

صـاغـه  الله لـلـعذاب وللحبّ
وأحـيـاه  بـالـدمـاء خـضيبا

*               *              

وريـاض فـيـهـا العشاش تغني
فـيـذوب  الـغـناء خمراً صبيبا

إن  هـذا الـجـمال يا قلب نهب
فـابـتـدر  تخطف السنا المنهوبا

إحـيَ  لـلـنـور، للمسرة، للشد
و، وخـلِّ الأسـى وخـلِّ النحيبا