حديث الهوى - إبراهيم الأسود

قـائلٌ في الحـبـيب ماذا يقـولُ
وحديث الهوى حـديثٌ طـويـلُ

و أخو الحب قـد تباغــته الذكـ
ـرى فيعيا و يـعــتريه الذهــولُ

ذو بـيـانٍ ، لـكـنـه مـن جَـــواهُ
في صُـمـاتٍ ، لسانه معقــولُ

فـــتـراهُ إذا تـكـلـّـم لــــم يــُـــ ـدركْ،ولا سامعـوه ماذا يقــولُ

سـابـحـاً في سَـرابِ أخـيـلــةٍ
حـُمْـر ٍ وخُـضْر ٍألوانُها لا تحـولُ

ليـس في ذوقـه أمـرّ وأحـلـى
من عـذابٍ تـثـيـر فيه الطـلـولُ

ثـم لا يـشتـكي ولا يـتـــداوى
و هو عن قبره المُواشِكِ ميـلُ

أوَ لستـم ترون أن ألي العشـ
ـق عموماً أعمارهم لا تطـول!

و ضروب الهـوى كثيرٌ ، و لـكنْ
جـائـد النـفع من جَداها قلـيلُ

شاعرٌ صـَيِّتٌ ، و رهط ندامـى
و مــدامٌ ، و غـادةٌ عُـطـبــــول ُ

مـظهرٌ للسرور مستـهجنٌ ،لا
يرتـضـيه إلا السفيه الجـهــولُ

ليس في أبـحر الغرام مــديــدٌ
أو بـسـيـطٌ أو وافـرٌ أو طــويــلُ

ليس من أبحر الهوىخَندريسٌ
أو سلافٌ أو قرقـفٌ أو شَمـولُ

كل هذي مستنـقعـاتُ رذالاتٍ
ضَحـالى ، غـواصـهـن رذيــــلُ

إن بحر الهوىالحقيقيًّ شيءٌ
ما قــراه ، و لا دراه الـخــلـيـلُ

لم يقاربه سيبويه ولم يسْـــــ
ــبره قيسٌ ، والشاعر الضلّيـلُ

هو بحرٌ يستغرق الأبحر السبـ
ـعة ، يـتـلوهـا دجـلـةٌ و النيـلُ

كل بحر ٍ سِـواهُ مـلـحٌ أجــــاجٌ
و هو عذبٌ و ماؤه سلسبـيـلُ

كل بـحـر ٍ يجـتـاحُ راكبَـه الـخَـ
ـوفُ عداهُ وهو الأمين الـذلـولُ

ربما ظنّ بعضكم أن هذا حسـ
ـب علم الجغرافيا ، مستحيلُ

فليفـتش في ذاتـه يجـد الإيــ
ـمانَ بحـراً ، أعراضُه تستطيلُ

و إذا لم يجده ، فليمعن النظـرة ، في الرفض ،
كي يسعْه القبولُ

*** ***

أيها القلب ، و الحديث شجونٌ
و ملام اللاّحي الخليِّ ثـقـيـلُ

ساحل الذكريات يُـغري بعـَوم ٍ
غير أن الأعمـاق شيءٌ يهـولُ

الهـوى ، و قـعـُه ميـاسمُ نـار ٍ
في الخوافي ، آثـارها لا تـزولُ

و الهـوى حسب وجهـة النـظر
الأخــرى لذيذٌ و ممتعٌ و جميلُ

و عذاب القلوب ، حـلـوٌ لديــها
و مـريـرٌ لـو كابـدتـه الـعـقـــولُ

غيرَ أنّ الهَــوِيًّ أبـكـمُ أعـمـى
و أصمٌّ مـهـمـا لحـاه الـعـــذولُ

فــأدِرهـا مـعـقـودةً فـي إنـــاءٍ
مَـجّ فـيـه من سـؤرهِ هـابـيــلُ

لـونُـهـا وجـنـةُ الحبـيب ، و أما
طعمُها ، فهو ريقـه المعـسولُ

واسقـنيها صِرفاً على نغم الذِّ
كـرى و خذ بالفؤاد حيث يميلُ

ثـم دعني و خلوتي و يـَراعـي
و خيــالاً ، أراه كـيـف يَـخـيـــلُ

خلــني والحديثَ عن دعوةٍ كا
ن دعـاهـا منـذ القديم الخليلُ

ثم جــاءت بها البشائر تـتــرى
و حكـاهـا التـوراة .. و الإنجيلُ

و تـجـلّـت آيـــاتُـهـا سافـــراتٍ
عـامَ أمًّ البيــت العـتيق الفيـلُ

دعه عاماً و خـلِّنا في اختصار ٍ
خـيـفـةً أن يُـمِـلًّـكَ التفـصيــلُ

و انتـخب منه ليلةً في ربـيــع ٍ
هلًّ فيها على الوجود الرسولُ

في أصيل الزمان جاءت و لاغَــرْوَ
فأحلى وقت النهار الأصيلُ

خُصًّ فيها من سائر العام شهرٌ
غير أن لم يُخص في الناس جيلُ

قـــدس الله ليـلـةً قـيـل فـيـهـا
لدعاة الفساد والبغي : زولــوا

بـعـث الله نـــوره في دجـاهـــا
فـتجـلّى للمستـنـير السبــيلُ

و أفـاض الـبـقـاع أنـهـار عـطـر ٍ
ناشراً طيـبها النسيمُ العـليـلُ

يـا لهـا لـيـلـةً تـبـاشَـر فـيـهــا
الجن و الإنسُ و النَّجا و المسيلُ

و سباعُ الفلاة و الحوتُ في الـ
ـبحـر ِ، و للطير غبطةٌ و هديلُ

رقص النجم في السماءوغنت
جـوقـة العرش ، دأبها التهليلُ

و كؤوسُ الشراب في ربَض الـ
ــجــنًّةِ ، و الحورُ والقيانُ قبيلُ

و خصـوص الخصوص في حضـرة
القدس ، نشاوى و الأنبياء مثولُ

و تـخـيًّـلْ ( محمداً ) نبـع نـور ٍ
كل طـرفٍ يـَرنــو إليــه كــليــلُ

بين ذاك الجـمـع المقدس يغـفـو
ينـثر الضـوءَ مثلما القنديلُ

فـرحٌ بـين سدرة المنتـهى ، و
الأرض ِفي بطن مكةٍ موصــولُ

و عريف الحفل الكريم بريد الــ
ــحـق و هـــو الأمين جبـرائيلُ

*** ***

إيه يا مولد الرسول ،و ذكــرا هُ
و شعري و مقـولي المشلـولُ

ما بوسع العييِّ مثليَ أن يشـ
ـدو بذكراك ، ما عساه يقولُ ؟

حدثٌ أنت معجز الوصف لا يحـ
ــكيـهِ قَـطّ التـصـويرُ والتمـثيـلُ

كيف يحكي البيان سيرةَ مـولـ
ــود ٍ ، تباهى بذكره التــنزيلُ؟

كيف أثني على جواد ٍ كريــم ٍ
وعظيم ٍ أثنى عليه الجــليلُ ؟

هـي بـدرٌ و إذ دهـاة قــريـش ٍ
جيـفـةٌ في القليب أو معــلولُ

و هو الفتـح ثم هاهيَ تصفــو
ليس للشرك في حماه مقيلُ

و إذ الـديـن واصبٌ مـسـتـتـبٌّ
و إذ الـبـيـت بـالهـدى مـأهولُ

و إذ الكُـفـرُ غـيـمـةٌ تـتـلاشى
و إذا دولــة الســلام تـَـديــــلُ

و يـسـير الزمان سيرتـه المثــ
لى ، وتزهو حُزونها والسهـولُ

بـالـغـاً أوجَـهُ ، ثـلاثـيـن عــامـاً
ثم يطوى من بعـدُ ذاك الرعيلُ

ثـم شيئاً شيئاً ، و عامـاً عامـاً
ثـم يعــرو ذاك النبـاتَ الـذبـولُ

ثـم تـغـدو خـلافــةُ الله مُـلـكـاً
كـل مَـلْـكٍ لـه هـوىً و مـيـولُ

فـنـرى كـلَّ قـسـمـةٍ لـتـــراثٍ
ليس يرضى بها الأمـيرُ تـعـولُ

كل باب في الشرع ضد هـوانا
جـاز فـيـه الإلـغـاء و الـتـعـديـلُ

و غمطنا الحقـوقَ كلاً ، فـدَيْنُ
اللهِ و الخـلق ِعـنـدنا ممـطـولُ

و تـركـنـا الصــلاةَ ، إلا مُـــــراءٍ
قد يـؤدي الصلاة و هو كسولُ

و نبذنا الأخلاق جمعاً وعسفاً
هُـتـِك الجـارُ بـينـنـا و النـزيـلُ

وشيوخ التـحـديث عنا بمنـأى
كل شـيـخ ٍ بـذقـنـه مـشغـول

همهم بات كامناً في لحاهـم
ليس إلا التجـعيدُ و التـسبـيلُ

أتـقنوا للمعاش فـنّـاً غزير النــ
ـفع ، وهو التمسيح و التقبيلُ

يأكل الأغنياء من رَفَـغ الـدنـيـا
و تُلقى على الشيوخ الفضولُ

فـتُـلاقي المعترّ منـهم بـديـنـاً
و بـطـيـنـاً ، كـأنـــه بــرمـيـــلُ

والذي لا يعترّ فهو من الحَســ
ـــرةِ و الهَـمِّ ضـامـرٌ مـسـلـولُ

في شمال التقيِّ منهم كتابٌ
و له فـي يـمـيـنــه زنـبـيـــــلُ

كل فـتـوى يُفـتـونـها ، فلها وَزْنٌ لـديـهـم
و قـالبٌ مـعـمـــولُ

و بقـدر الفتوى و هيئةِ باغيـها
يـكـون التـشديـد و التـسهيـلُ

و بحسب الزبـون يـوضَع سعرٌ
و يـجــوز التـصـعـيـد و التنـزيلُ

فـغـلاءٌ ، كـأنـمـا الـمـال ديـــنٌ
و ارتخاصٌ ، كأنما الدين فـولُ !

هم يطيعون واليَ الأمر منـهم
و لـديـهـم من الكتـاب الـدليـلُ

ما عليـهم من نصرة الـدين إن
أصـبـح يوماً و جيـشه مخـذولُ

فـإلى أيـن منـتـهانا ، إلى أيـّــ
ــةِ حـالٍ مصـيـرُنـا سـيـؤولُ !!

*** ***

إيــه يا مـولـد الرسول ، و آهـاً
ثـم آهـــاً ... و ألــفُ آهٍ قـلـيـلُ

إن شمساً أطلعتَها حجب الغَـ
ــيم سناها و خيف منها أفـولُ

نكث المسلمون بعدك ، فالظُّـ
ــلْم كثيرٌ ، و قـلًّ فينا العـُدولُ

شاع فينا حب التسلط والبغــ
ـيُ فهنّـا ، و شاع فينا الغلولُ

و عصينـا مليكنـا ، و ضـلـلـنـــا
فـذلـلـنـا ، و كل عـاص ٍ ذلـيـلُ

الـقـويُّ الـغـنـيُّ أصـبـح فـيـنـا
آكـلاً ، و الـضـعـيـفُ مـنّا أكـيـلُ

حكمت في رقـابـنـا سـفَـلٌ كـ
ـلُّ ممار في حكمهم مسفولُ

... ... ...

و قَـصُـرنـا و طـاولتـنـا شـعـوبٌ
لم يكن في قاماتها قبلُ طـولُ

نـصـبـوا بـيـنـنـا مـوازيـنَ عَـدلٍ
كلها عن مبـادئ العَـدل مـيـلُ

هي ليست إلا مقاصل تـعني
أن كُــلآ ً بــدورهِ مــقـــصـــولُ

يا لهم .. يالنـا ..معـادنَ شيءٍ
عـاجـزٌ عن تحـليلـه التحـليلُ ‍‍!

كـشـفـوا عُـقـدة الغُـرور لـدينـا
فـأقَــرّ الجُــرذانُ أنـــّا الـفـيـــلُ

و جّهونا ، و بالتـحكم عن بُـعــ
ـد ٍ ،فهان الإسكات والتشغيلُ

و اشـتَرَوْا مجـدَنا الأثـيلَ فباتوا
و لهم في الوجـود مجدٌ أثـيـلُ

و بـقـيـنـا لا شيء ، إلا بـقـايـا مـن
حـكـايـا و مِـعْـزَفٌ ... و كُحـولُ

حـسـبما صـوًّر الخـيال نـغـنّـي
كيـفـما مالـتِ الجــواري نميـلُ

و شربنا حتى حَصِـرنا ، فبُـلنـا
حيث يثوي جنـديُّنـا المجـهـولُ

و لدينا – و الحمد لله – حكّـامٌ
لهم في الخـداع فـضلٌ فـضيلُ

فـلـكــلٍّ فـيـمـا نُـثَـمِّـــرُ كَــــفٌّ
و لــه فـي آمـالـنــا إزمـيــــــلُ

وعدَتـنا تكريـتُ أن تُرجِـعَ القُـد
سَ ، فكادت بـغـداد مـنّا تـزولُ

وغريبٌ في شخص كل زعيم ٍ
أن يـعيـش الحجـاج والبُـهلـولُ

إن من مارس ( القيادةَ ) يـوماً
فعــلى الصـدق كذبه محـمولُ

هـم يـقـولـون أنـنـا أنـبـلُ الـنـا
س ِ،و حقّـاً فنحن شعبٌ نبيلُ

عنـدنا إذ ينـتـابنا الضيـم حـلمٌ
و أنـاةٌ مـثـلى و صـبرٌ جـمـيـلُ

و يـقـولـون أنـنــا أعــرقُ الـنــا
س ِ،وحقّـاً فنحن شعبٌ أصيلُ

أمُّـنــا جُـرهُـمِـيّـةٌ إن نُـسِـبـنـا
و أبـــونـا الـنـبـيُّ إسـمـاعـيـلُ

و يـقـولـون أنـنـا أشـجـَع الـنــا
س ِ، و حَـقّـاً فنحن قومٌ فحولُ

إن يَـلِـجْ أرضَـنـا الـعــدوُّ تَـرانـــا
و لـنــا مـنـه ضـجـّـةٌ و عـويــلُ

هم يقـولـون ما يـشاؤون عَـنـا
من دعاوى ، و نحن أيضاً نقولُ

ذاك أنـّا نـدري النتـيجـة لو عا
رَضَ منـّا أقـوالَـهـم مَـسطـولُ

علَّمونا أنْ ليس جرماً بأن يَـكــْ
ــذبَ ، بل أن يُكَذّبَ المسؤولُ

ثم ماذا تـبـغي السوائم إن ما
كـثُـر النبتُ حـولهـا و البـقــولُ

قـد مـلَكنـا حـريـةَ الـرأي حتى
من يَـشأ أن يبــولَ منـّا يبــولُ

و شبـعـنـا أمنـاً فمن قـام منـاّ
قـام و الـتـُّربُ تـحـتـه مـبـلـولُ

وخشينا من شدة العدل أن نُـ
ــزهَقَ ، فالعَـدل عندنا مملولُ

دعـكَ يـا مـولـد الـرسول فـإنـاّ
كل قُـطر ٍ منـاّ لـديـهم رسـولُ

لـم تـعـد حـاجـةٌ بـنـا لـرسـولٍ
نـحـن قــومٌ رسـولـنـا قـابـيــلُ

نحن سلطـاننا المهيب رسولٌ
في يـديـه التـحريم و التـحليلُ

فـعليـه فـرضُ المشيـئـة فـيـنا
و عـلـيـنـا الـتـزمـير و التـطبيلُ

أيُّـمـا صـفـقـةٍ و بـيـع ٍ حـــرام ٍ
لـه مـنـا التـبـريـك و الـتـأويــلُ

مـكــةٌ أجّــِرتْ إلـى أمَــريـكـــا
و الأقـصى احـتـلتـه إسرائـيـلُ

ثـم حِـرنا من بـعـدُ أين نـصلّي
و لو انّ الإيـمـان فـيـنـا هـزيـلُ

نـحـن حـكـامُـنـا خـلائفُ نـوح ٍ
هم على الحكم كلما مرّ جيلُ

لا تـسـير الحـيـاة لـو يـتـنـحّى
واحـدٌ ، أو يغيب ، أو يستـقيلُ

و إذا ما تجـاسر المـوت أن يَـد
نـو إلـيـهـم يـمـوتُ عــزرائـيـلُ

كل حـكـامـنـا أبـوهُــم عـلــيٌّ
أرضَـعَـتـهم سكـيـنةٌ و البـتـولُ

غـيـرَ أنـاّ نـحـن الـبـقـيـةُ لا نـَد
ري ، تـتـارٌ آبـاؤنـا أم مَـغــولُ !

بعد دعوى ( الهجين ) جاء ( ابنُ أمِّ الـ ….. )
و كأن الدم الشريف سبيلُ

نسـبُ البيت عنـدنا في كتابٍ
سَلسَـلَتْهُ عن الثقاتِ النُّـقـولُ

والجوادُ الأصيلُ ينــبيك عنه
السـبق في حومة الوغى لا الصهيلُُ

غـير أنـاّ مستـكرهين نُـحـابـي
كل من فيـه غمـزةٌ أو خُـمــولُ

نحن يا مـولـد الرسول حـيـارى
هـل يـرانـا و لا يغـار الـرسولُ ‍!

قـد فَنيـنـا و أرضُنـا موقِـدُ الديــ
ــن ، و إنـاّ لَشَـمعُـهُ و الفـتيلُ

نحن في شرقنا .... وفي كل صُقع ٍ
حَـلّ فـيـنـا الـدمـارُ و التـنـكـيلُ

صـدئت في سيـوفنا لغة الثـأر
و لـلـغـدر في ظُـبـاهـا فُـلــولُ

و معاني الإسلام فينا اضمحلّـ
تْ والتعالي في طبعنا مجبولُ

خـطـبــاءٌ مَـصـاقـــعٌ فــإذا مـــا
حَـزَبَ الخَـطبُ بالكـلام نـَصولُ

مـهـرجـانـاتـُنـا تـعـجُّ لُـحــونـــاً
و سيـوف الـعـدا لـهن صـليـلُ

و إذاعــاتــنــا تــضــج بــألــوان
الـدعـايـات شـأنـهـا الـتـهـويـلُ

و قـيـاداتُـنـا تـفـكـر في الـحـل
إذا داهَـــم الــرعـيّــةَ غــــــولُ

هكـذا نـحن سادرون ، حمـانـا
مـسـتـبـاحٌ ، و رأيُـنـا مَـدخــولُ

و يـنــادون بـالـعـروبــة و الــديـ
ــنِ ، صـِبـاغٌ يـزيـلهن الغسيلُ

نحن صـرنا أضحـوكـة المسرح
العصـري فيها مشاهد وفصولُ

كـلُّ أسـيـافـنـا جــداد حــــدادٌ
كل أفـراسنـا أبـوهـا الـجـديــل

خُصُمٌ في الفضا شـدادٌ لــدادٌ
و لـدى الجـِد يـعـتريـنـا النكولُ

بيـد أنـاّ نـضـخِّم الصـوت إن ما
قَــرَعــوا رأسنا ، كأنــاّ طـبـولُ

نـحـن لـسـنـا إلاّ بـيـادر تـبـن ٍ
و غُـثـاءً بـه تـسيـل الـسـيـولُ

حيةٌ عندنا المظاهر والأجـساد
لـكــن ... ... ضميـرُنـا مقـتولُ

نحن إن شاء مادحٌ ، قال: كنـّا
و بلا ( كان ) كاذبٌ من يقــولُ

فغدونا كـ( كان ) لفظاً ومعنىً
نـاقـصـيـن ، يَعـوزنـا التـكميـلُ

أغـنـيـاءٌ ، لـكـنـنـا أغـبـيــاءٌ
كل شيءٍ نملكْـه إلا الـعـقـولُ

دمنا صار في كؤوس السكارى
به يُروىالصدىويُشفى الغليلُ

و انـقلبنا مستهـدَفين بـلا ثـأر ٍ
جَـنـيـنـا ، و ثــأرُنــا مـطـلــــولُ

كل وحشٍ في الغاب يعدو علينا
فــكــأنـّــا أرانـــبٌ أو وعـــولُ

نحن صـرنا وليـمـةً مشـتـهــاةً
طاب فيها المشروب والمأكولُ

كل من جـاع يـعتـليـنا و يجني
خـيـر أثـمــارنـا كـأنـّا نـخـيــــلُ

سلعةً في معارض القوم ذا يكـ
ـــتـال مـاسـرًّه ، و ذاك يَـكـيلُ

حَـلّ لـلـغـرب لـحـمُـنـا و لـهـؤ
لاءِ أثـمـانُـنـا ، كـأنـّــا عُـجــول ُ

في نيـويورك تـاجرٌ و لدى العُر
بِ ، زعـامـاتٌ شغـلها التدليلُ

ينـتـقي التاجر الذي يشتهيـه
و على القوم عنـدنا التحـويـلُ

كل شيءٍ في الغرب يُصنع بـا
لبتـرول ، و الأرض عندنا بترولُ

فـتـدلـل يـا أيـها الغرب و اهنـأ
إن مَـبـغـاك عـنـدنــا مـبـــذولُ

عربٌ نحن أسخياءٌ ، يموت الــ
ـشـهـم مناّ ، و لا يقال بخـيلُ

أنت مستعمرٌ ؟ فأهلاً و سهلاً
لك مـنـاّ الإذعـان و الـتـمـويـلُ

لا تحـاذر جـرِّب سلاحك فـيـنـا
لا تهبنا ، ما نـحن إلاّ حـقـــولُ

كل واحـاتِ أرضِـنـا لـك فـيـهــا
أكُـلٌ دائــمٌ ، و ظــلٌّ ظـلـيـــلُ

كل ساحـات حربـنـا لك فــيها
فـرَسٌ جـامـحٌ ، و رخٌّ ، و فيــلُ

إن يـعـانـدْكَ في مـكـانٍ أبـــيٌّ
فـتـحَـوّلْ ، فكـل قُـطر ٍ بـديــلُ

كل شبر من أرضنا فبرسم الــ
ــبيع طبعاً ، و الكل مناّ عميلُ

*** ***

إيـه يا مولـد الرسول ، و عُـذراً
إن يكن في الوفـاء مناّ ضُحـولُ

نحن قومٌ مستعربون ، و حُــبُّ
الـضاد عِرقٌ من عِرقنا منسولُ

ما درسنا علم القـواعـد ،حتى
يـلزم الفـرضُ عنـدنـا ، والدليلُ

و سواءٌ في عُـرفـنـا إن وَفـَيـنا
أو فـعـلـنـا بعكس ما قد نقـولُ

نحن في الصرف جاهلون وسِـ
ــياّن لدينا الصحيح و المَـعلولُ

نحن لا فرق مطلقاّ عندنا
أن يَضرب الفعلُ … الفاعلُ … المفعو لُ !!

كل شيء يُملى علينا فيمشـ
ـي عندنا اللاّمعقولُ والمعقولُ

نحن قومٌ مستسلمون و ذا الإ
سْـلامُ دِيـنٌ في دِيـننا مجهولُ

نحن يا مولـد الرسول إذا ذكـــ
ـراك جـاءت ، يشوقُنا التدجيلُ

و لِـذكراك – لو عقلنا – عظيمُ
القَدر حَـقـاّ ، و الحب والتبجيلُ

غـيرَ أن الـذي عَـنـانـا من المَوْ
ضـُوع ِ ، هذا الغناء والتسجيلُ

أين نحن من ادعاء الهوى في
حـُب (طـه) ، و أين منا القبولُ

قد نسينا الرسولَ ثم احتفلنا
بَعدُ بالمَولد ، ازدهتنا الشكولُ

و تركنا اللباب ثم أخذنا القشرَ
و الـقـشـرُ لامـــعٌ مـصــقــــولُ

إيه … عذراً عذراً ، وخير وداع ٍ
انتهى الوقت ، والحديث يطولُ

وأخيراً : نقولُ لفظاً أخيراً :
حسبنا ربنا ... و نعم الوكيلُ 0