يا وحشة الثأر ! - بدوي الجبل

شاد على الأيك غنّانا فأشجانا
تبارك الشعر أطيابا و ألحانا

ترنّح البان و اخضّلت شمائله
فهل سقى الشعر من صهبائه البانا

هل كنت أملك لولا عطر نعمته
قلبا على الوهج القدسيّ نديانا

أيطمع الشعر بالإحسان يغمره
و الشعر يغمر الدّنيا الله إحسانا

لو شاء عطّر هذا اللّيل غالية
و نضّر الرمل أشواقا و ريحانا

لو شاء نمنم هذا النجم قافية
و نغّم الفجر أحلاما و أوزانا

لو شاء أنزل بدر التمّ فاحتقلت
به الندامى سرجا في زوايانا

و لو سقى الشمس من أحزانه نديت
على هجير الضّحى حبّا و تحنانا

تضيع في نفسي الجلّى و قد نزلت
من كبريائي آفاقا و أكوانا

و ما رضيت بغير الله معتصما
و لا رأيت لغير الله سلطانا

و لا عكفت بقرباني على صنم
أكرمت شعري لنور الله قربانا

تبرّجت للشذى الأعلى مجامرنا
و زيّنت للهوى الأغلى خفايانا

نبع من النّور عرّانا لموجته
فكحّل النّور أجفانا و وجدانا

تفجّر الحسن في دنيا سرائرنا
هل عند ربّك من دنيا كدنيانا

حضارة الدّهر طيب من خلاعتنا
و جنّة الله عطر من خطايانا

من الغواية سلسنا هدايتنا
فكان أرشدنا للنور أغوانا

***

يا وحشة الكون لولا لحن سامرنا
على النديّ المصفّى من حميّانا

نشارك الله _ جلّ الله _ قدرته
و لا نضيق بها خلقا و اتقانا

و أين إنسانه المصنوع من حمأ
ممّن خلقناه أطيابا و ألحانا

و لولا جلا حسنه إنسان قدرتنا
لودّ جبريل لو صغناه إنسانا

و لو غمرنا نجوم الليل مغفية
أفاق أترفها حسنا و غنّانا

ناجى على الطّور موسى ة الندام لنا
فكيف أغفل موسى حين ناجانا

إن آنس النّار بالوادي فقد شهدت
عيني من اللّهب القدسيّ نيرانا

نطلّ من أفق الدّنيا على غدرها
فنتجلى الرّاسيات الشمّ كثبانا

و ما دهتنا من الجبّار عادية
إلاّ جزينا على الطّغيان طغيانا

أديم حصبائنا درّ و غالية
ما أفقر النّاس للنعمى و أغنانا

و أيّ نعمى نرجّيها لدى البشر
و الله قرّبنا منه و أدنانا

تبكي السّماء و تبكي حورها جزعا
للحسن و الشعر في الدّنيا إذا هانا

يا خالق القلب : أبدعنا صبابته
يا خالق الحسن : أبدعناه ألوانا

ألقلب قصرك زيّنا عواريه
بالحسن حينا و بالإحسان أحيانا

ألعاطلات من الأبهاء قد كسيت
شتّى اللّبانات أصناما و أوثانا

قلب شكا للخيال السمح و حشته
فراح يغمره نعمى و أشجانا

يا سيّد القصر لولانا لما عرفت
أفياؤه الخضر سمّارا و ندمانا

يمنى السراب على الصحراء حانية
تضاحك الرّكب واحات و غدرانا

قاع البحار أضاءته عرائسنا
و ندّت العدم القاسي عذارانا

ننضّر البؤس عند البائسين منى
و العقل عاطفة و الثكل إيمانا

و كلّ ذنب سوى الطغيان ننزله
على جوانحنا حبّا و غفرانا

و همّ كلّ عفاة الأرض نحمله
كأنّنا أهله همّا و حرمانا

نشارك النّاس بلواهم و إن بعدوا
و لا نشارك أدناهم ببلوانا

ضمّت محبّتنا الأشتات و اتّسعت
تحنو على الكون أجناسا و أديانا

سبحان من أبدع الدّنيا فكان لنا
أشهى القوارير من أطياب سبحانا

ستنطوي الجنّة النشوى فلا ملكا
و لا نعيما و لا حورا و ولدانا

يفنى الجميع و يبقى الله منفردا
فلا أنيس لنور الله لولانا

لنا كلينا بقاء لا انتهاء له
و سوف يشكو الخلود المرّ أبقانا

***

تأنّق الشعر للأعياد حالية
و قطّف الورد من عدن و حيّانا

سمح فبالريقة العذراء نادمنا
نهلا و بالشفة اللمياء عاطانا

صاغ الهلال لتاج الملك لؤلؤة
و أنجم اللّيل ياقوتا و مرجانا

يا صاحب التّاج لا تاج العراق على
كريم أمجاده بل تاج عدنانا

جبريل حوّطه بالله فانسكبت
عطور جبريل أورادا و قرآنا

لك الكنوز فتوحات منضّرة
فاغمر من الفتح يمنانا و يسرانا

سدّت الغطاريف فتيانا وسادهم
أبوك في جنّة الفردوس فتيانا

تبارك الله ما أسمى شمائلكم
لكم زعامة دنيانا و أخرانا

فتحت عيني على حبّ صفا و زكا
فصنته لضياء العين إنسانا

و في ظلال أبي غازي منضّرة
مرّ الشّباب مرور الطيف عجلانا

نعمى لصقر قريش طوّقت عنقي
فكيف أوسع نعمى الله نكرانا

و حين شرّدنا الطاغي و أرخصنا
حنا العراق فآوانا و أغلانا

و من تقيّأ نعماء العراق رأى
بالأهل أهلا و بالجيران جيرانا

إذا العواصف جنّت فيه هدهدها
عبد الإله و أرسى الملك أركانا

نعمى الوصيّ كنعمى جدّه حليت
على ضحى النّور أفياء و أفنانا

***

يا صاحب التّاج دنيا الله ما عرفت
إلاّ عمائمكم في الشرق تيجانا

لم يقبل الله إلاّ في محبّتكم
يا آل فاطم إسلاما و أيمانا

غنّيت جدّك أشعاري و نحت بها
في مصرع الشمس إعوالا و إرنانا

أصفيت آل رسول الله عاطفتي
و كنت شاعركم نعمى و أحزانا

و ما رضيت جزاء مودّتكم
لا يعدم الحرّ أقواتا و أكفانا

***

أيكرم العيد شكوانا نزلت
عليك يا ابن رسول الله شكوانا

ندّى شمائلنا بالذكريات كما
ندّى الخيال بنعمى الماء ظمآنا

يروعني العيد ديّانا لأمّته
من أغضب العيد حتّى صار ديّانا

تغرّب العيد في قومي و أنكرهم
على الميادين أحرارا و عبدانا

مالي أرى الشمّ في لبنان مغضية
تطامنت للرزايا شمّ لبنانا

لا صيد غسّان و الهيجاء ضارية
على السروج و لا أقيال مروانا

و أكرم العيد عن عتب هممت به
لو شئت أوسعته جهرا و تبيانا

قد استردّ السبايا كلّ منهزم
لم تبق في رقّها إلاّ سبايانا

دم بتونس لم يثأر له و دم
بالقدس _ هان على الأيّام _ لا هانا

و ما لمحت سياط الظلم دامية
إلاّ عرفت عليها لحم أسرانا

و لا نموت على حدّ الظبى أنفا
حتّى لقد خجلت منّا منايانا

لو يعلم البدر في شعبان محنتنا
لما أطلّ حياء بدر شعبانا

لو كان يعلم قتلانا ، بكت مزق
على الصحاصح من أشلاء قتلانا

تهلهلت أمتّي حتّى غدت أمما
وزوّر الزطن المسلوب أوطانا

و قد عرفت الرزايا و هي منجبة
فكيف لم تلد الجلّى رزايانا

كفرت بالحسب السّامي إلى مضر
استغفر المجد إنكارا و كفرانا

تطوى القبور على الموتى فتسترهم
و في القصور و في السلطان موتانا

دعوا الجراح لوهج النّار سافرة
فالجرح يقتل إنكارا و كتمانا

ذلّ الدّهاء أكاذيبا مزوّقة
فكان أكذبنا بالقول أدهانا

ثارات يعرب ظمأى في مصارعها
تجاوزتها سقاة الحيّ نسيانا

يا وحشة الثأر لم ينهد له أحد
فاستنجد الثأر أجداثا و أكفانا

أفدي شمائل قومي ثورة و لظى
و عاصفا زحم الدّنيا و بركانا

من أطفأ الجذوة الكبرى بأنفسنا
أدهرنا حال أم حالت سجايانا

هي الكؤوس و لكن أين نشوتنا
و هي الحروف و لكن أين معنانا

***

ما للرمال الصوادي لا نبات بها
و تنبت المجد هنديّا و مرّانا

عبدت فيها إله الشمس منتقما
معذبا و إله اللّيل رحمانا

اللّيل يخلق فيها الحور مترفة
و تخلق الشمس جنّانا و غيلانا

على الرّمال طيوف من كتائبنا
نشوى الفتوح و نفح من سرايانا

لابن الوليد على كثبانها عبق
سقى الهجير من الذكرى فندّانا

و في النسيم على الصحراء نرشفه
طيب المثنّى على رايات شيبانا

***

يا فيصلا في يمين الله تحسده
بيض الظبى هاشميّ الفتح ريّانا

يا فيصلا في يمين الله منسكبا
كجدّه المرتضى يمنا و إيمانا

يا فيصلا و حنت في الخلد فاطمة
تودّ لو قبّلت خدّا و أجفانا

يا فيصلا و انتخت كبرا صوارمنا
و زغردت باسمك الحالي صبايانا

يا فيصلا و رنا نجم لصاحبه
يقول : فيصل أحلانا و أسمانا

كتائب الله من فهر و إخوته
فعطّر المجد ميدانا فميدانا

لواء عدنان أنت اليوم صاحبه
فاقحم به الشرق : هذا الشرق دنيانا

ما في االعراق و لا في الشام موعدنا
على الثنيّة من حطّين لقيانا