مصرع الشمس - بدوي الجبل

زهزوة الفتح و الشباب النّجيد ،
من سقى الفجر من دماء الشهيد !

خضبت غرّة الصّباح فقد
نمّ عليها بالعطر و التوريد

قد أنزل الكميّ عن السرج
و ألوى بالفارس المعدود

مصرع الشمس في الضحى هل ينال
الشمس في أفقها عثار الجدود

دم غازي ياحمرة الفجر فاسقي
و أرشفي من ضيائه و استزيدي

عرس في الجنان فالحور يطفرن
على ميعة الضياء البديد

سدرة المنتهى نعيم و أفياء
و أغرودة على أملود

و حنت فاطم تضمّ فتاها
لهفة الأمّ فوجئت بالوحيد

من رأى روعة الحنان أطلّت
من عيون و لألأت في خدود

و هفا بالنعيم غازي لبغداد
و للجند و القنا و البنود

***

إيه دنيا الرّشيد تفنى الحضارات
و تبقى ، كالدهر دنيا الرّشيد

صور للعلى القديم وضّاء
زوّقتها رؤى الخيال الشرود

صور للقديم تعرضها الدّنيا
ضياء و روعة في الجديد

هذه دجلة و هذي البساتين
و شدو القمريّة الغرّيد

و الأماسيّ و النخيل و ملاّح
طروب الحداء حلو النّشيد

و الليالي القمراء في النّهر
و الأنغام أصداء زورة و صدود

و القيان الملاح يخطرن في
الشطّ سكارى مرنّحات القدود

آهة بعد آهة من عريب
تخلق الظلّ للضحى المكدود

كلّما هلهلت صبا أو حجازا
ضاع حلم المتوّج المحسود

و جوار يمرحن في الزورق الساجي
و يضحكن عن نديّ برود

رفّ مجدافه على الماء و انساب
بأحلى معاصم و زنود

فانتشى من طيوفهنّ و جنّت
قطرات علقن بين النّهود

و القصور البيضاء و الحلم
اللذّ جلاه دخان ندّ و عود

حملته هفهافة العطر نشوان
إلى جنّة الخيال البعيد

همدت ثورة الشهيد و قرّت
يا دويّا مجلجلا في الهمود

***

إيه دنيا الرّشيد تفنى الحضارات
و تبقين من لدات الخلود

قصر هارون ما عهدت من الألاء
و العزّ و ازدحام الوفود

حمل التّاج مفرق الملك الطفل
و ما ناء بالجليل الشديد

تاج بغداد و الشام و لبنان
و بحر للروم طاغ عنيد

أيّها البحر ! بعض تيهك و اذكر
نسبا بيننا قديم العهود

لست للروم أنت للملك الطفل
نضار في تاجه المعقود

أيّها البحر ! أنت مهما افترقنا
ملك آبائنا و ملك الجدود

***

و انحنى الكون يلثم الملك الطفـ
ـل و يفديه بالطّريف التليد

***

صاحب التّاج ! دمعة من دموع
الشام ذوّبت عطرها في قصيدي

و أنا الشاعر المدلّ على الدنيا
بغيب في حبّكم و شهود

هاشمي الهوى أحبّ فما دارى
و عادى على هواكم و عودي

حليت في نعيم جدّك أشعاري
و نمنمت في ذراه عقودي

حاطني بالحنان صقر قريش
و سقى دوحتي و نضّر عودي

لكم نعمة عليّ و ما كنت
لنعماء بيتكم بالجحود

فيّئ الشام باللواء و نضّر
شاطئيها بظلّك الممدود

ليس بين العراق و الشام حدّ
هدم الله ما بنوا من حدود

بايعت جدّك الشام فسلها
تتحدّث عن يومه المشهود

بيعه في رقابنا لأبي غازي
و للإبن بعده و الحفيد

***

قل كما قال للغمامة هارون
و في الجوّ زمزمات الرّعود

قل لها : أيّها الغمامة جودي
شاطئ الرّافدين أو لا تجودي

حوّمي ما أردت شرقا و غربا
في تجوم الكون الفسيح المديد

سترفّين مخصبا من سفوحي
أو تروّين ظامئا من نجودي

أمطري حيث شئت فالكون ملكي
و بنوه قبائلي و جنودي

***

لا تسلني عن الشام فقد حزّ
بجيد الشام عضّ الحديد

لوّحوا بالقيود فابتدر الموت
أباة تنمّروا للقيود

روّعوا الأمّهات في حلّك الليل
و راعوا صغراها في المهود

فتنمّر و اغضب لقومك و ارجم
بالشّهاب اللّمّاح كلّ مريد

و اغز بالجيش قبّة الفلك الدائر
و اقحم به عرين الأسود

جيشك الجيش لو تنكّر للنوم
لضاقت به جفون الرّقود

فإذا هجته ترنّحت الأعلام
و ازّيّنت لفتح جديد

و إذا هجته تلفّتت الدنيا
و همّت أفلاكها بالسجود

***

شقيت باليهود أرض فلسطين
و ضاقت رحابها باليهود

بنفايا الدنيا ، على كلّ وجه
منهم ، سبّة اللعين الطريد

أدب القوم بالسّياط و نزّه
سيف هارون عن دماء العبيد

***

بنت مروان لا تراعي و خلّي
عنك تهويل عدّة و عديد

أنت في ذمّة الوصيّ على التاج
و في ذمة المليك الوليد

أنت في ذمّة العراق و في
ذمّة أنجاده الأباة الصيد

***

قيل من للشام ؟ قالت : أعزّ
العرب جارا و أومأت (للسعيد))