إلى أستاذي مصطفى الغلاييني - بدوي الجبل
أتسمع أنّه صوت الشباب
فدته النفس من داع مجاب
و ما غير الشباب حمى عزيز
يرجّى للثواب و للعقاب
أبا النشء الجديد بنيت نشأ
من الأخلاق و الأدب اللباب
هنيئا ما أصابك من خطوب
و ما لاقيت من محن صعاب
و ما غالبت من زمن و ناس
و أنت الليث ينهد للغلاب
و أعوام الشبيبة و هي تطوى
على شمل شتيت و اغتراب
تجاهر بالحقيقة لا تداري
و تصدع بالنصيحة لا تحابي
تعهّدت الشباب فمن قصيد
سقيت به البيان إلى كتاب
دعوتهم إلى الفصحى فلبّوا
و بورك في الدعاء المستجاب
جلوت فتونها فهفوا إليها
و فلّت حدّة النّفر الغضاب
و ما اختلفوا على الأنساب إلاّ
هديتهم إلى النسب القراب
تؤلّف بينهم و تذود عنهم
ذياد الليث عن أشبال غاب
***
أتذكر في الشام لنا عهودا
معطّرة كأنفاس الكعاب
بدمّر لا السفوح معطّلات
من الغزل النديّ و لا الروابي
و هل عند الخمائل ما قطفنا
من الفتن المنوّرة العذاب
نطوّف ما نطوّف ثمّ نأوي
إل أفنانها النضر الرطاب
و ننشدها النسيب على ذبول
فيغنيها النسيب عن الرباب
ورود الشام تسكرها القوافي
و تهفو للتوجّع و العتاب
و تطرب للنديّ من المعاني
فتجزي بالظلال ز بالملاب
لئن نضرت خمائلها فإنّي
خلعت على خمائلها شبابي
و ودّعت الصبى فيها حميدا
و رحت أغشّ قلبي بالتّصابي
أحنّ إلى شبابي حين أهفو
إلى تلك المعالم و القباب
و من ينعم بصحبته فإنّي
جنى مرّ الإباء على صحابي
لدات طفولتي ذهبوا تباعا
و عاقتني الخطوب عن الذهاب
أسائل عنهم فأرى وجوما
فأغضي ، قد عثرت على الجواب
و أسمع للقبور صدى وجيعا
حنين الغائبين إلى الإياب
سقى تلك القبور دمي و دمعي
و جلّ القبر عن سقيا السحاب
و من فوق التراب فدى بدور
خبا لألآؤها تحت التراب
***
أتعذلني و قلبي في وجيب
من الذكرى و دمعي في انسكاب
فديتك إن بكيت أسى و ذكرى
فهذا الدمع لم يك في حسابي
و عيدك بهجة الدنيا عليه
رواء من شمائلك السوابي
صحبتك في الشام و كنت برّا
تخاطبني و تلطف في خطابي
تعلّمني الوسيم من القوافي
و تهديني القويم من الشّعاب
و تكرم مشهدي و تذود عنّي
إذا الحسّاد أنطقها غيابي
فتاك و إن تأوّلت الأعادي
و لجّت في أذاي و في اغتيابي
و غسّان العلى قومي و لكن
إلى أدابك الغرّ انتسابي
***