نم بقلبي - بدوي الجبل

أدموعا تريدها أم رحيقا
لا ونعماك ما عرفت العقوقا

تتجلّى عند المغيب لعيني
ضياء عذب الحنان رفيقا

و جلاك الشروق حتّى تبيّنت
محيّاك فاحتضنت الشروقا

و تزور البروق تخبرني عنك
و لولاك ما استزرت البروقا

كلّ حسن أرى محيّاك فيه
فأطيل الإمعان و التحديقا

طرق الطيف بعد أن غاب وهنا
أنت أحلى من النعيم طروقا

مرّ في وحشتي نعيما و أنسا
و محا أدمعي رحيما شفيقا

كلّما غبت عنه أو غاب عنّي
لاح في خاطري وسيما أنيقا

إن رعى صحبتي و أوردها الصفو
فقد كان بالمعالي خليقا

نم بقلبي و لو قدرت منعت الـ
ـقلب حتّى تقرّ فيه الخفوقا

نم بقلبي و حرمة لك لن
تسمع منّي تأوّها و شهيقا

نم بعيني فقد فرشت لك الأحلام
مخضلّة الورود طريقا

نم بعيني إذا اصطفيت رؤاها
همّ عيني أن تصطفى و تروقا

زيّن الجفن دمعه لك فانهل
سلافا عذبا و مسكا فتيقا

***

إنّ قلبي خميلة تنبت الأحزان
وردا و نرجسا و شقيقا

لو على الصّخر نهلة من جراحي
راح مخضوضل الظلال وريقا

همّي الهمّ لو تكشّف للنّاس
لأغرى حسنا و راع بريقا

أترع الكأس للرّبيع فغنّى
و انتشى بانه فماس رشيقا

نجمتي و الطريق تيه و ليل
و رفيقي إذا فقدت الرفيقا

إنّ بعض الأحزان يخطب بالمجد
و بعض يشرى رقيقا

من جراح الضّحى سنى أريحيّ
نضّر الكائنات حين هريقا

أنا و الهمّ كلّما أقبل الهمّ
مشوق يلقى أخاه المشوقا

أيّها الناعمان في الغفوة النشوى
أفيقا على الصّباح أفيقا

سكر الشعر من سلافي و عبّت
من دناني فجنّت الموسيقا

***

وحدتي عالم من السّحر و الفتنة
حلو القطاف خمرا و ريقا

و أديم يغفو ثراه على العطر
و يغريه عنبرا مسحوقا

طف بقلبي تجد به ألف دنيا
لا يلاقي الشقيق فيها الشقيقا

سكنته الشموس من كلّ أفق
و تحدّى أشتاتها أن يضيقا

حفي الفكر في عوالمها الفيح
و لم يبلغ المكان السّحيقا

كلّ أفق تضيق فيه أسيرا
سعة الأفق أن تكون طليقا

***

لا تلمنا إذا تركنا الميادين
سمّوا بحقّنا و وثوقا

فالأصيل العتيق يأنف شوطا
لم يشاهد فيه أصيلا عتيقا

ذلّ شوط يكون بين البراذين
فلا سابقا و لا مسبوقا

لم تحمحم تختال بالحسن و القوّة
بل حمحمت تريد العليقا

ما نزلنا عن السروج عياء
لو ركبنا لما أطاقوا اللحوقا

و لنا السبق فامسحوا غرر
الخيل بأيمانكم تشمّوا الخلوقا

أيّها الزاعمون أنّا فرقنا
صائد الليث لا يكون فروقا

كيف يرمى بالخوف من زحم
الأسد و أعيا أنيابها و الحلوقا

أنكرونا يشهد حطيم قيود
و سمت منكم رقابا و سوقا

سدّة الحكم بعد آساد خفّان
تضمّ الأحلاف شاء و نوقا

أبطر الحاقدين حلم أبي حسّان
و الحلم أن تقيل الصديقا

جحدوا فضله و لا لوم عندي
إنّ فضل الرئيس ضلّ الطريقا

إنّ نعمى الكريم دين على
الحرّ و تجزى من اللئيم عقوقا

نامت الشام فاستغلّوا كراها
موعد الهول بيننا أن تفيقا

لا أغالي بلومها فهي حسناء
تحبّ الدّلال و التلميقا

إنّ عنف العتاب يؤذي أحبّا
ي و أحلاه ما يكون رقيقا

***

جمرة الحقد في السرائر لولا
ذلّ أصحابها لشبّت حريقا

قد أرقدنا دمائنا فسلوه
أيّ دمع من مقلتيه أريقا

حمّلوه ما لا يطيق و كانت
بدعة تخجل العلى أن تطيقا

دعك من زحمة العواصف و اترك
للعقاب السماء و التحليقا

خلق الله للعظائم و المجد
فريقا و للصّغار فريقا

يا زعيمي عند الدّعاء و لو شئت
لناديت في الزّعيم الصّديقا

كيف تغفو ألم تر الشام في
النزع و تشهد لواءها المخنوقا

مزّق القبر فالشام تناديك
و تبكي مكانك المرموقا

مزّق القب فالجلاء يتيم
بدّدوا إرثه و غالوا الحقوقا

ألسّري العريق هان على
الدّهر كأنّ لم يكن سريّا عريقا

***

من راى في السّقام سعدا رأى
الفجر وديع السّنا وسيما طليقا

يتنزّى و لا يطيق وثوبا
حسرة الشّمس لا تطيق الشروقا

سألوا يوم سبقه كيف جلّى
من سجاياه أن يكون سبوقا

راودتك الدّنيا على الحسن
و الجاه فكنت المبرّأ الصدّيقا

سألتني عنك الخمائل في الغوطة
تشتاق عطرك المرموقا

و دروب خضر عليها خطى
الشاء تعيد التغريب و التشريقا

و ظلال سكرى و فوضى من الزّهر
تحدّى جمالها التنسيقا

ما تبرّجن للعيون فغالي
الحسن يأبى الإغراء و التشويقا

ودّت الورق لو خلعن من الحزن
عليك البياض و التطويقا

***

تيّمت قلبك الطبيعة
بالحسن بريئا معطّرا موثوقا

كرّم الله دنهّا و الندامى
و صبوحا على الهوى و غبوقا

للنّبي ّ الإشراق من حسنها
السمح و أرضى منه الخفيّ الدقيقا

حملت قوسها فهيّأت قلبي
و ترّقبت سهمها المرشوقا

***

مر أرنّح عطفيك بالشّعر
من عيني و قلبي منمنما منسوقا

حضريّ الخيال إن ذكر المنبت
سمّى نجدا و سمّى العقيقا

عندي الكنز لا يضير غناه
أن يكون المنهوب و المسروقا

و كؤوس من السماء تشهّت
حور رضوان عطرها و الرّحيقا

عاب كأسي و لم يذق عطر كأسي
لا تعبها بالله حتّى تذوقا

يا صحيح الإخاء قد كشف النّاس
إخاء مموّها ممذوقا

أتمنّى اللّحاق فيك و أشكو
للقضاء التأخير و التعويقا