عيد الجلاء - بدوي الجبل
ألزغاريد فقد جنّ الإباء
من صفات الله هذي الكبرياء
بأبي العزلاء في غمرتها
آلة الحرب جراح و دماء
بنت مروان اصطفاها ربّها
لا يشاء الله إلاّ ما تشاء
هي في غسان لا بأس و ندى
و هي في الإسلام فتح و بلاء
جمرة الحق سبحان الذي
صاغ هذا الجمر من ظل و ماء
الأديم السّمح عطر و رؤى
ربّما أغفى عليه الأنبياء
و على كلّ مكان جدّة
تأسر العين و نعمى و رواء
خالف المشهد فيها جاره
فلدات الحسن شتّى غرباء
كلّ حسن بدعة مفردة
ليس بين الحسن و الحسن إخاء
تندر الأشباه ممّا اختلفت
صور الحسن و تخفى النظراء
ألورود الحمر ذكرى و هوى
و طيوف من جراح الشّهداء
نفحة الصّبح على غوطتنا
خبر عنهم و أطياب المساء
حملت زغردة العرس لكم
فانتشى الأفق و لم يصح الهواء
أيّها الدنيا ارشفي من كأسنا
إنّ عطر الشام من عطر السماء
شهداء الحقّ في جنّتهم
هزّهم للشام وجد و وفاء
تضحك (الرّبوة) في أحلامهم
هل عن الرّبوة في عدن غناء
كلّما هبّت صبا من (دمّر)
رنّح الجنّة طيب و غناء
خيلاء الحقّ في عدن لكم
يغفر الله لقومي الخيلاء
و اعذروا عدنا على غيرتها
إنّها و الشام في الحسن سواء
شهداء الحقّ هل يسكركم
في نعيم الله شعر و غناء
فسلوا الله بما قدّمتم
يكشف الله عم السرّ الغطاء
و إذا الفردوس مجلو على
مفرق الشمس فما فيه خفاء
عربيّ الدّار و الأهل معا
و الرحيق المشتهى و الندماء
حمحمات الخيل في أفيائه
و قرى الضيف و ترجيع الحداء
عمر الفردوس ظلا و قرى
و تجلّى للوفود الخلفاء
آل مروان جلال و ندى
و بنو العبّاس هدي و ضياء
متصافين على نعمائه
ليس في الجنّة إلاّ الأصفياء
سكب الله على أحقادهم
من نديّ الحبّ ما شاؤوا و شاء
و على السدّة قحطانية
جلي الملك و قيل : الشعراء
و تغّنيت فمرّت صور
لذّة الأحلام من دنيا الفناء
كلّما سلسلت من ألحانها
مسحوا الدمع على فضل الرّداء
أنت ميراث لنا من عمر
يسأل الديّان عنه الورثاء
***
يا فلسطين هوى مسعر
من ربى الشام و نصر و ولاء
و تحيّات الرضى من دجلة
و سلام الله من غار حراء
أين من ثأرك و الثأر دم
خالد الفتح و أين الأمراء
اليهود استأسدوا فيك فمن
جرّأ الضعف و أشلى الضعفاء
هان عن شكواي عبدان العصا
أنا أشكو من عهود الحلفاء
و تغنّيت فجنّت طربا
أريحيات و نعمى و حياء
جنّة الفردوس أنتم أهلها
و سواكم في حماها غرباء
أنا أشعاري من أحسابكم
غرر الأحساب و الشعر وضاء
هفت الحور و ألقت خمرها
أين رضوان و أين الرقباء
كلّ حوراء على أجفانها
يحلم السّحر و يغفو الإشتهاء
تمّ صفو الدّهر لولا محنة
في فلسطين و بلوى و شقاء
يا ربى القدس و ما أندى الرّبى
دمنا فيها ربيع و نماء
هذه الأطياف في جنّاتها
أريحيّات الجدود القدماء
همس الفردوس هل من نبأ
عن ربى الغوطة معسول الرّجاء
و نعم عندي بشرى عطّرت
بالزغاريد وجوه البشراء
إنتزعنا الملك من غاصبه
و كتبنا بالدم الغمر الجلاء
و سقانا كأسه مترعة
و سقينا و في الكأس امتلاء
و اقتحمنا حديدا و لظى
و جزيناه اعتداء باعتداء
سكرت ممّا ارتوت من دمه
غصص حرّى و ثارات ظماء
كلّما جدّل منّا بطل
زغردت في زحمة الهول النّساء
الظباء الأمويّات و في
خدرها الدّنيا : حمى الله الظّباء
كلّما نادين فتيان الحمى
كبّر الفتيان و ارتدّ النداء
نحن للغوطة في الجلّى فدى
و لهذا الكحل في العين فداء
سقت الجرحى فلم يظمأ فتى
رشف الكوثر من هذا السقاء
شهداء الحقّ لا أبكيكم ...
جلّت الغوطة عن ضعف البكاء
جلّ هذا الدم أن يرثى له
عار سفّاكيه أولى بالرّثاء
الرّبى في ميسلون استعبرت
أين دمع الحزن من دمع الهناء
أقبل الدّهر عليها تائبا
وعفا يوسف عن جور القضاء
يا ظباء الأمويّين اضحكي
تضحك الدّنيا و يغمرها الصفاء
و اغمزي الأنجم هذي أعين
شأنها في الدّهر لمح و اجتلاء
أعين حبّك قد سهّدها
فاغمريها بالمنى تغف السّماء
و على السدّة و النقع دجى
أموي الفتح مرموق البهاء
من عليّ فيه طهر و هدى
و من الفاروق بأس و مضاء
كيف أنسى يا زعيمي ليلة
عصفت نيرانها بالأبرياء
غوطة الشام جحيم فائر
و الميادين طعان و رماء
ما شكى الشاكون فيها ظمأ
أكؤس الحقد روّيات ملاء
ملك الطاغي الثنايا عنوة
و استحرّ القتل و اشتدّ البلاء
و تجارى الأمويّون إلى
غمرة الموت و فاز السعداء
***
جنّت النّخوة قحطانيّة
و هي عزلاء و جنّ الأقوياء
***
تخرس الأنباء ممّا حملت
فهي همس في شفاه السّفراء
***
عنف باريس شجاني أمره
بدعة الأقدار عنف الجبناء
قد عذرناهم على غدرهم
و استرحنا و استراح الطلقاء
سهّل الغدر على صاحبه
أنّه من كلف المجد براء
لم ينل من عزمك اليأس و لا
عنت الدّهر و لا الدّاء العياء
بورك الإيمان نورا و هدى
نعمة الله و سرّ العظماء
يصنع الدنيا و لا تصنعها
صور العقل و ألوان الدّهاء
كتب الله لك النّصر به فعلى الظلاّم و الظلم العفاء
حقّ يوم الشام أن تكتبه
قدرة الله على وجه ذكاء
هذه الأرض لفرسانكم ...
و لعقبانكم هذا الفضاء
ملك مروان لكم وحدكم
قد جلا الإيمان كلّ الشركاء
ألغد الميمون في الدنيا لكم
فاقتحم يا جيش و اخفق يا لواء
***