يا نديمي - بدوي الجبل
يا نديمي إلى متى الإغفاء
بسم الكون حين حيّت ذكاء
لا تمل بي إلى الرجاء فقد
أودى بنفسي طموحها و الرجاء
و دع اليأس ينتحيني ففي الـ
ـيأس لداء النفس الطموح دواء
فقد رضيت الأكواخ و هي نعيم
و هجرت القصور و هي شقاء
و من الهون أن يقيم كريم
في مكان هانت به الكرماء
***
أترع الكأس و اسقني بمكان
ضلّ عنه الوشاة و الرقباء
حبّذا كوخي النديّ و إن لم
يكتنفه الإعجاب و الخيلاء
لم يشنه في ناظري أن عداه
زخرف في بنائه و رواء
أنا حرّ به .. و ما بعد هذا
عند باغي سرّ الحياة هباء
***
يا نديمي لا تأس بالله و اشرب
لذّة العيش هذه الصهباء
و تمتّع بالنور إذ ربّ قوم
منع الكأس عنهم و الضياء
و استمع : هذه البلابل غنّت
فأثار الشجون ذاك الغناء
لا تخاف الصيّاد ، إذ عصمتها
من دواهيه هذه الصحراء
ذكّرتك الديار جرّ عليها
ذيله بعد قاطنيها العفاء
و حماة الدّيار و هي عبيد
و غواني الديار و هي إماء
***
يا نديمي تعزّ واسل فقبلا
قد عفت بعد أهلها الحمراء
و عفت من ظباء صقر قريش
و أغاني قيانه الزهراء
و تناست قساور العرب في
المرية الخمائل الخضراء
و تعزّت عن ابن عبّاد روض
و قصور في باحة قوراء
بعد أن كان في رباها من العنبر و الزعفران طين و ماء
***
يا نديمي إليّ نبكي فقد يسعد
قلب النائي الحزين البكاء
أنت أوفى منّي و أوثق عهدا
يا نديمي و أين أين الوفاء
فوق شعري بلاغة و بيانا
منك هذي المدامع الحمراء
ترجمت عن أساك فهي قصيد
لم يفته البيان و الانتقاء
إنّما الحزن مرسل الشعر شعرا
و الحزانى هم هم الشعراء